ولما ذكر سبحانه هذا الفريق الذي هو من أعلاهم كفرا وأعتاهم أمرا عطف عليه قسما أعتى منه وأفظ لأن العالم يرجى لفته عن رأيه أو تخجيله بالحجاج بخلاف المقلد العاتي الكثيف الجافي فقال
ومنهم أميون ويجوز أن يراد بهم من لا يحسن الكتابة ومن يحسنها وهو غليظ الطبع بعيد عن الفهم ، لأن الأمي في اللغة من لا يكتب أو من على خلقة الأمة لم يتعلم الكتابة وهو باق على جبلته وحال ولادته والغبي الجلف الجافي القليل الكلام ، فالمعنى أنهم قسمان : كتبة وغير كتبة ،
[ ص: 491 ] وهم المراد بالأميين ، وهؤلاء مع كونهم لا يحسنون الكتاب يجوز أن يتعلموا القراءة تلقينا ولا يفهمون المعاني ، ويجوز أن يكون المعنى أنهم قسمان : علماء نحارير عارفون بالمعاني ، وجهلة غبيون لا حظ لهم من التوراة إلا القراءة الخالية عن التدبر المقرونة بالتمني ولذلك قال :
لا يعلمون الكتاب أي بخلاف القسم الذي أكد فيه كونهم من أهل العلم .
ولما كان المراد سلب العلم عنهم رأسا أبرز الاستثناء مع كونه منقطعا في صورة المتصل فقال :
إلا أماني جمع أمنية ، وهي تقدير الوقوع فيما يترامى إليه الأمل ، ويقال إن معناه يجري في التلاوة للفظ كأنها تقدير بالإضافة لمن يتحقق له المعنى - قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14085الحرالي . أي إن كانت
[ ص: 492 ] الأماني مما يصح وصفه بالعلم فهي لهم لا غيرها من جميع أنواعه . ولما أفهم ذلك أن التقدير : ما هم إلا يقدرون تقديرات لا علم لهم بها ؛ عطف عليه قوله :
وإن هم إلا يظنون تأكيدا لنفي العلم عنهم .