ولما انكشف بهذا في أثناء الأدلة وتضاعيف البراهين أن
القرآن كنز لا يلقى مثله كنز ، وعز لا يدانيه عز ، وأنه في الذروة التي تضاءلت دونها سوابح الأفكار ، وكلت عن التماعها نوافذ الأبصار ، وختم بأن المراد بالبيان العلماء ، ناسب له أن ينبه على ذلك لئلا يفتر عنه طعنهم بقولهم ( درست) ونحوه ، فقال مخصصا له - صلى الله عليه وسلم - بالخطاب إعلاما بأنه العالم على الحقيقة :
اتبع أي : أنت ومن تبعك
ما أوحي إليك أي : فالزم العمل به; ثم أكد مدحه بقوله :
من ربك أي : المحسن إليك بهذا البيان . ثم علل ذلك بقوله :
لا إله إلا هو أي : فلا يستحق غيره أن يتبع له أمر ، ولا يلتفت إليه في نفع ولا ضر
وأعرض عن المشركين أي : بغير التبليغ ، فإنه ما عليك غيره ، ومزيد حرصك على إيمانهم لا يزيد من أريدت شقوته إلا تماديا في إشراكه وارتباكا في قيود أشراكه .