ولما ذكر - سبحانه - إقامة الحجة على الكافر في المعاد بالرسل - عليهم السلام - علل إرسالهم ترغيبا وحثا في اتباعهم في أيام المهلة بعد ترهيب ، وتنبيها وإرشادا في صادع تخويف وتأديب ، فقال :
ذلك أي : الأمر العظيم الجدوى هو أن أرسلنا الرسل
أن أي : لأجل أنه
لم يكن ربك أي : المحسن إليك بتشريف قومك
مهلك أي : ثابتا إهلاكه
القرى بظلم [ ص: 274 ] أي : بسبب ظلم ارتكبوه
وأهلها غافلون أي : غريقون في الغفلة عما يجب عليهم مما لا تستقل به عقولهم ، أي : بما ركب فيهم من الشهوات وغلب عليهم من اللذات ، فأوقف عقولهم عن نافذ المعرفة بما يراد بهم ، فأرسلنا إليهم الرسل حتى أيقظوهم من رقدتهم وأنبهوهم من غفلتهم ، فصار تعذيبهم بعد تكذيبهم هو الحق الواجب والعدل الصائب ، ويجوز أن يكون المعنى : مهلكهم ظالما ، فيكون المنفي من الظلم كالمنفي في قوله تعالى :
وما ربك بظلام للعبيد وعلى الأول المنفي ظلمهم .