فلما بين أن إنزال الكتب رحمة منه لأن غايتها الدلالة على منزلها فتمتثل أوامره وتتقى مناهيه وزواجره - بين أنه لم يخص تلك الأمم بذلك ، بل أنزل على هذه الأمة كتابا ولم يرض لها كونه مثل تلك الكتب ، بل جعله أعظمها بركة وأبينها دلالة ، فقال :
وهذا أي : القرآن
كتاب أي : عظيم
أنـزلناه أي : بعظمتنا إليكم بلسانكم حجة عليكم
مبارك أي : ثابت كل ما فيه من وعد ووعيد وخير وغيره ثباتا لا تمكن إزالته مع اليمن والخير .
ولما كان هذا معناه : وكان داعيا إليه محببا فيه - سبب عنه قوله :
فاتبعوه أي : ليكون جميع أموركم ثابتة ميمونة ، ولما أمر باتباعه وكان الإنسان ربما تبعه في الظاهر - أمر بإيقاع التقوى المصححة للباطن إيقاعا عاما ؛ ولذلك حذف الضمير فقال :
واتقوا أي : ومع ذلك فأوقعوا التقوى ، وهي إيجاد الوقاية من كل محذور ، فإن الخطر الشديد والسلامة على غير القياس ، فلا تزايلوا الخوف من منزله بجهدكم ، فإن ذلك أجدر أن يحملكم على تمام الاتباع وإخلاصه
لعلكم ترحمون أي : ليكون حالكم حال من يرجى له الإكرام بالعطايا الجسام ، والآيتان ناظرتان إلى قوله تعالى :
قل من أنـزل الكتاب الذي جاء به موسى - إلى قوله - :
وهم على صلاتهم يحافظون