ولما كان مخالف الملك في محل العقاب - تشوف السامع إلى خبره فأجيب بقوله :
قال أي : لإبليس إنكارا عليه وتوبيخا له واستخراجا لكفره الذي كان يخفيه بما يبدي من جوابه ليعلم الخلق سبب طرده
[ ص: 365 ] ما منعك ولما كانت هذه العبارة قد صرحت بعدم سجوده ، فكان المعنى لا يلبس بإدخال (لا) في قوله :
ألا تسجد أتى بها لتفيد التأكيد بالدلالة على اللوم على الامتناع من الفعل والإقدام على الترك ، فيكون كأنه قيل : ما منعك من السجود وحملك على تركه
إذ أي : حين
أمرتك أي : حين حضر الوقت الذي يكون فيه أداء المأمور به
قال أي : إبليس ناسبا ربه - سبحانه - إلى الجور أو عدم العلم بالحق
أنا خير منه أي : فلا يليق لي السجود لمن هو دوني ولا أمري بذلك ؛ لأنه مناف للحكمة. ثم بين وجه الخيرية التي تصورها بسوء فهمه أو بما قاده إليه سوء طبعه بقوله :
خلقتني من نار أي : فهي أغلب أجزائي وهي مشرفة مضيئة عالية غالبة
وخلقته من طين أي : هو أغلب أجزائه ، وهو كدر مظلم سافل مغلوب ، وقد غلط غلطا فاحشا فإن الإيجاد خير من الإعدام بلا نزاع ، والنار سبب الإعدام والمحق لما خالطته ، والطين سبب النماء والتربية لما خالطه ، هذا لو كان الأمر في الفضل باعتبار العناصر والمبادئ وليس كذلك ، بل هو باعتبار الغايات .