ولما كان هذا تشوف السامع إلى جوابهما ، فأجيب بقوله :
قالا أي :
آدم وحواء - عليهما السلام وأزكى التحية والإكرام [قول الخواص بإسراعهما في التوبة]
ربنا أي : أيها المحسن إلينا والمنعم علينا
ظلمنا أنفسنا أي : ضررناها بأن أخرجناها من نور الطاعة إلى ظلام المعصية ، فإن لم ترجع بنا وتتب علينا لنستمر عاصيين
وإن لم تغفر لنا أي : تمحو ما عملناه عينا وأثرا
وترحمنا فتعلي درجاتنا
لنكونن من الخاسرين فأعربت الآية عن أنهما فزعا إلى الانتصاب بالاعتراف ، وسميا ذنبهما - وإن كان إنما هو خلاف
[ ص: 376 ] الأولى ؛ لأنه بطريق النسيان كما في (طه) - ظلما كما هي عادة الأكابر في استعظام الصغير منهم ، ولم يجادلا كما فعل إبليس ، وفي ذلك إشارة إلى أن المبادرة إلى الإقرار بالذنب من فعال الأشراف لكونه من معالي الأخلاق ، وأنه لا مثيل له في اقتضاء العفو وإزالة الكدر وأن الجدال من فعال الأرذال ومن مساوي الأخلاق وموجبات الغضب المقتضي للطرد .