ولما علم بهذا أن للكون في الأرض آخرا ، [وكان من الفلاسفة
[ ص: 377 ] التناسخية وغيرهم ممن يقر بالوحدانية من يقول : إن النفوس مجردة عن الجسمية وعلائقها وإنه إذا هلك الجسد اتصلت بالعلويات إما بكوكب أو غيره أو انحطت في سلك الملائكة وبطل تعلقها بالبدن من كل وجه فلا تتصل به لا بتدبير ولا غيره ولا بالبعث - عند من قال منهم بالبعث] - كان كأنه قيل : فماذا يكون بعد ذلك؟ فأجيب بقوله
قال [أي : الله رادا عليهم ما يعتقدون من بطلان التعلق بالبدن معبرا بالخطاب بالضمير الذي يعبر عن هذا الهيكل المخصوص روحا وجسدا]
فيها [أي : الأرض لا في غيرها]
تحيون أي : أولا وثانيا [على ما أنتم عليه بظواهركم وبواطنكم أبدانا وأرواحا]
وفيها [ أي : كذلك ، لا في غيرها كما أنتم لذلك مشاهدون]
تموتون أي : من الحياة الأولى [بجملتكم ، فيكون للأرواح تعلق بالأبدان بوجه ما حتى يقعد الميت في القبر ويجيب سؤال الملكين - عليهما السلام - وتلتذ الأجساد بلذتها وتتألم بتألمها] ، فأشير إلى الحشر مع تفصيل حال الكون في الأرض ، وختمت القصة بما ابتدئت به من الإعلام بالبعث بقوله :
ومنها [أي : لا من غيرها بإخبار الصادق]
تخرجون أي : [روحا وبدنا] بعد موتكم فيها وعودكم إلى ما كنتم عليه أولا ترابا ، للجزاء وإظهار ثمرة الملك بإنصاف بعضكم من بعض والتحلي [ بصفة] العدل فما كان بعضكم يفعل مع بعض من العسف والجور الذي لا يرضي أقل رؤسائكم أن يقر عليه عبيده ، وعلم بهذا أن الدلالة على الحشر فذلكة
[ ص: 378 ] القصة ، وهذا أبين [من ذكره] فيما مضى في قوله :
فلنسألن الذين أرسل إليهم