[ ص: 392 ] ولما تقدم أن الناس فريقان : مهتد وضال ، وتكرر ذم الضال باجترائه على الله بفعل ما منعه منه وترك ما أمره به ، وكانت العادة المستمرة للملوك أنهم لا يمهلون من تتكرر مخالفته لهم - كان كأنه قيل : فلم يهلك من يخالفه؟ فقيل - وعظا وتحذيرا - : إنهم لا يضرون بذلك إلا أنفسهم ، ولا يفعلون شيئا منه إلا بإرادته ، فسواء عندهم بقاؤهم وهلاكهم ، إنما يستعجل من يخاف الفوت أو يخشى الضرر ، ولهم أجل لا بد من استيفائه ، وليس ذلك خاصا بهم بل
ولكل أمة أجل وهو عطف على
فيها تحيون وفيها تموتون فإذا جاء أجلهم
ولما كان نظرهم إلى الفسحة في الأجل ، وكان قطع رجائهم من جملة عذابهم - قدمه فقال :
لا يستأخرون أي : عن الأجل
ساعة عبر بها والمراد أقل ما يمكن لأنها أقل الأوقات في الاستعمال في العرف ، ثم عطف على الجملة الشرطية بكمالها لا على جزائها قوله :
ولا يستقدمون أي : على الأجل المحتوم ؛ لأن الذي ضربه لهم ما ضربه إلا وهو عالم بكل ما يكون من أمرهم ، لم يتجدد له علم ، لم يكن يتجدد شيء من أحوالهم ، ويجوز أن يكون معطوفا على قوله :
ولكم في الأرض مستقر ومتاع إلى حين وتكون الآية معلمة بأنهم سيتناسلون فيكثرون حتى يكونوا أمما ، ولا يتعرضون جملة بل يكون لكل أمة وقت .