[ ص: 395 ] ولما ذكر المصدق أتبعه المكذب ، فقال :
والذين كذبوا بآياتنا أي : على ما لها من العظمة بإضافتها إلينا. ولما كان التكذيب قد يكون عن شبهة أو نوع من العذر - نفى ذلك بقوله :
واستكبروا عنها أي : أوجدوا الكبر إيجاد من هو طالب له عظيم الرغبة فيه ، متجاوزين عنها إلى أضداد ما دعت إليه .
ولما كان ذلك ليس سببا حقيقيا للتعذيب ، وإنما هو كاشف عمن ذرأه الله لجهنم لإقامة الحجة عليه - أعري عن الفاء قوله :
أولئك أي : البعداء البغضاء
أصحاب النار ولما كان صاحب الشيء هو الملازم له المعروف به ، قال مصرحا بذلك :
هم أي : خاصة ليخرج العاصي من غير تكذيب ولا استكبار
فيها أي : النار خاصة ، وهي تصدق بكل طبقة من طبقاتها
خالدون فقد تبين أن إثبات الفاء أولا للترغيب في الاتباع ، وتركها ثانيا للترهيب من شكاسة الطباع ، فالمقام في الموضعين خطر ، ولعل من فوائده الإشارة إلى أنه إذا بعث رسول وجب على كل من سمع به أن يقصده لتحرير أمره ، فإذا بان له صدقه تبعه ، وإن تخلف عن ذلك كان مكذبا - والله الموفق .