صفحة جزء
آ. (184) قوله تعالى: أولم يتفكروا ما بصاحبهم : يجوز في "ما" أوجه، أحدها: أن تكون استفهامية في محل رفع بالابتداء، والخبر "بصاحبهم" أي: أي شيء استقر بصاحبهم من الجنون؟ فالجنة مصدر يراد بها الهيئة كالركبة والجلسة. وقيل: المراد بالجنة الجن كقوله: من الجنة والناس ولا بد حينئذ من حذف مضاف أي: مس جنة أو تخبيط جنة.

والثاني: أن "ما" نافية، أي: ليس بصاحبهم جنون ولا مس جن. وفي هاتين الجملتين: أعني الاستفهامية أو المنفية فيهما وجهان، أظهرهما: أنها في محل نصب بعد إسقاط الخافض لأنهما علقا التفكر لأنه من أفعال القلوب. والثاني: أن الكلام تم عند قوله: "أولم يتفكروا" ثم ابتدأ كلاما آخر: إما استفهام إنكار وإما نفيا. وقال الحوفي: إن "ما بصاحبهم" معلقة لفعل محذوف دل عليه الكلام، والتقدير: أو لم يتفكروا فيعلموا ما بصاحبهم. قال: "وتفكر" لا يعلق لأنه لم يدخل على جملة. وهذا ضعيف، لأنهم نصوا [ ص: 526 ] على أن فعل القلب المتعدي بحرف جر أو إلى واحد إذا علق، هل يبقى على حاله أو يضمن ما يتعدى لاثنين؟

الثالث: أن تكون "ما" موصولة بمعنى الذي تقديره: أو لم يتفكروا في الذي بصاحبهم، وعلى هذا يكون الكلام خرج على زعمهم. وعلى قولنا إنها نافية يكون "من جنة" مبتدأ و "من" مزيدة فيه و "بصاحبهم" خبره أي: ما جنة بصاحبهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية