آ. (104) قوله تعالى:
لا تقولوا راعنا : الجمهور على "راعنا" أمر من المراعاة، وهي النظر في مصالح الإنسان وتدبر أموره، و "راعنا" يقتضي المشاركة لأن معناه: ليكن منك رعاية لنا وليكن منا رعاية لك، فنهوا عن ذلك لأن فيه مساواتهم به عليه السلام. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن وأبو حيوة: "راعنا" بالتنوين، ووجهه أنه صفة لمصدر محذوف، أي: قولا راعنا، وهو على طريق النسب كلابن وتامر، والمعنى: لا تقولوا قولا ذا رعونة. والرعونة: الجهل والحمق والهوج، وأصل الرعونة: التفرق، ومنه: "جيش أرعن" أي: متفرق في كل ناحية، ورجل أرعن: أي ليس له عقل مجتمع، وامرأة رعناء، وقيل
للبصرة: الرعناء، قال:
766 - لولا ابن عتبة عمرو والرجاء له ما كانت البصرة الرعناء لي وطنا
قيل: سميت بذلك لأنها أشبهت "رعن الجبل" وهو الناتيء منه، وقال
ابن فارس: "يقال: رعن الرجل يرعن رعنا" . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي: راعونا، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله كذلك، خاطبوه بلفظ الجمع تعظيما، وفي مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=10عبد الله أيضا، "ارعونا" لما تقدم. والجملة في محل نصب بالقول، وقدم النهي على الأمر لأنه من باب التروك فهو أسهل.
[ ص: 52 ] قوله:
"انظرنا" الجملة أيضا في محل نصب بالقول، والجمهور على "انظرنا" بوصل الهمزة وضم الظاء أمرا من الثلاثي، وهو نظر من النظرة وهي التأخير، أي: أخرنا وتأن علينا، قال
امرؤ القيس 668 - فإنكما إن تنظراني ساعة من الدهر ينفعني لدى أم جندب
وقيل: هو من نظر أي: أبصر، ثم اتسع فيه فعدي بنفسه لأنه في الأصل يتعدى بـ "إلى" ، ومنه:
669 - ظاهرات الجمال والحسن ينظر ن كما ينظر الأراك الظباء
أي: إلى الأراك، وقيل: من نظر أي: تفكر ثم اتسع فيه أيضا فإن أصله أن يتعدى بفي، ولا بد من حذف مضاف على هذا أي: انظر في أمرنا وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش: "أنظرنا" بفتح الهمزة وكسر الظاء أمرا من الرباعي بمعنى: أمهلنا وأخرنا، قال الشاعر:
670 - أبا هند فلا تعجل علينا وأنظرنا نخبرك اليقينا
أي: أمهل علينا، وهذا القراءة تؤيد أن الأول من النظرة بمعنى التأخير لا من البصر ولا من البصيرة، وهذه الآية نظير التي في الحديد:
"انظرونا نقتبس" فإنها قرئت بالوجهين.