صفحة جزء
آ. (107) قوله تعالى: ألم تعلم : هذا استفهام معناه التقرير، فلذلك لم يحتج إلى معادل يعطف عليه بـ "أم" ، وأم في قوله: "أم تريدون" :

آ. (108) منقطعة هذا هو الصحيح في الآية. قال ابن عطية "ظاهره الاستفهام المحض، فالمعادل هنا على قول جماعة: أم تريدون، وقال قوم: أم منقطعة، فالمعادل محذوف تقديره: أم علمتم، هذا إذا أريد بالخطاب أمته عليه السلام، أما إذا أريد هو به فالمعادل محذوف لا غير، وكلا القولين مروي" انتهى. وهذا غير مرضي لما مر أن المراد به التقرير، فهو كقوله: "أليس الله بكاف عبده" "ألم نشرح لك صدرك" والاستفهام بمعنى التقرير كثير جدا لا سيما إذا دخل على نفي كما مثلته لك.

ب. وفي قوله: "ألم تعلم أن الله" التفاتان، أحدهما: خروج من خطاب. [ ص: 63 ] . جماعة وهو "خير من ربكم"، والثاني: خروج من ضمير المتكلم المعظم نفسه إلى الغيبة بالاسم الظاهر، فلم يقل: ألم تعلموا أننا، وذلك لما لا يخفى من التعظيم والتفخيم. و "أن الله على كل شيء قدير": أن وما في حيزها: إما سادة مسد مفعولين كما هو مذهب الجمهور، أو واحد والثاني محذوف كما هو مذهب الأخفش حسب ما تقدم من الخلاف .

آ. (107) قوله تعالى: له ملك . . . يجوز في "ملك" وجهان، أحدهما أنه مبتدأ وخبره مقدم عليه، والجملة في محل رفع خبر لـ"أن". والثاني: أنه مرفوع بالفاعلية، رفعه الجار قبله عند الأخفش، لا يقال: إن الجار هنا قد اعتمد لوقوعه خبرا لـ "أن"، فيرفع الفاعل عند الجميع، لأن الفائدة لم تتم به فلا يجعل خبرا. والملك بالضم الشيء المملوك، وكذلك هو بالكسر، إلا أن المضموم لا يستعمل إلا في مواضع السعة وبسط السلطان. قوله: "وما لكم من دون الله من ولي

. " يجوز في "ما" وجهان، أحدهما: كونها تميمية فلا عمل لها فيكون "لكم" خبرا مقدما، و "من ولي" مبتدأ مؤخرا زيدت فيه "من" فلا تعلق لها بشيء. والثاني: أن تكون حجازية وذلك عند من يجيز تقديم خبرها ظرفا أو حرف جر، فيكون "لكم" في محل نصب خبرا مقدما، و "من ولي" اسمها مؤخرا، و "من" فيه زائدة أيضا، و "من دون الله" فيه وجهان، أحدهما أنه متعلق بما تعلق به "لكم" من الاستقرار المقدر، و "من" لابتداء الغاية. والثاني: أنه في محل نصب على الحال من قوله: "من ولي أو نصير" لأنه في الأصل صفة للنكرة، فلما قدم عليها انتصب حالا، قاله أبو البقاء. فعلى هذا يتعلق بمحذوف غير الذي تعلق به [ ص: 64 ] "لكم" . "ولا نصير" عطف على لفظ "ولي" ولو قرئ برفعه على الموضع لكان جائزا. وأتى بصيغة فعيل في "ولي" و"نصير" لأنها أبلغ من فاعل، ولأن "وليا" أكثر استعمالا من "وال" ولهذا لم يجيء في القرآن إلا في سورة الرعد، وأيضا لتواخي الفواصل وأواخر الآي. وفي قوله "لكم" انتقال من خطاب الواحد لخطاب الجماعة، وفيه مناسبة، وهو أن المنفي صار نصا في العموم بزيادة "من" فناسب كون المنفي عنه كذلك فجمع لذلك.

التالي السابق


الخدمات العلمية