آ. (35) قوله تعالى:
إلا مكاء وتصدية : أي: ما كان شيء مما يعدونه صلاة وعبادة إلا هذين الفعلين وهما المكاء والتصدية، أي: إن كان لهم صلاة فلم تكن إلا هذين كقول الشاعر:
2410 - وما كنت أخشى أن يكون عطاؤه أداهم سودا أو محدرجة سمرا
فأقام القيود والسياط مقام العطاء.
والمكاء: مصدر مكا يمكو، أي صفر بين أصابعه أو بين كفيه، قال
nindex.php?page=showalam&ids=13721الأصمعي: قلت
لمسجع بن نبهان: ما تمكو فريصته؟ فشبك بين أصابعه وجعلها على فيه ونفخ فيها. قلت: يريد قول
عنترة: 2411 - وحليل غانية تركت مجدلا تمكو فريصته كشدق الأعلم
يقال: مكت الفريصة، أي: صوتت بالدم. ومكت است الدابة، أي: نفخت بالريح. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد: المكاء: صفير على لحن طائر أبيض يكون
بالحجاز قال الشاعر:
2412 - إذا غرد المكاء في غير روضة فويل لأهل الشاء والحمرات
المكاء فعال بناء مبالغة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: يقال مكا يمكو مكوا ومكاء: صفر، والمكاء بالضم كالبكاء والصراخ. قيل: ولم يشذ من أسماء الأصوات بالكسر إلا الغناء والنداء.
[ ص: 601 ] والتصدية فيها قولان أحدهما: أنها من الصدى وهو ما يسمع من رجع الصوت في الأمكنة الخالية الصلبة يقال منه: صدي يصدى تصدية، والمراد بها هنا ما يسمع من صوت التصفيق بإحدى اليدين على الأخرى. وفي التفسير:
أن المشركين كانوا إذا سمعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي ويتلو القرآن صفقوا بأيديهم وصفروا بأفواههم ليشغلوا عنه من يسمعه ويخلطوا عليه قراءته. وهذا مناسب لقوله:
لا تسمعوا لهذا القرآن والغوا فيه لعلكم تغلبون . وقيل: هي مأخوذة من التصددة وهي الضجيج والصياح والتصفيق، فأبدلت إحدى الدالين ياء تخفيفا، ويدل عليه قوله تعالى:
إذا قومك منه يصدون في قراءة من كسر الصاد أي: يضجون ويلغطون. وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبي عبيدة. وقد رده عليه
أبو جعفر الرستمي، وقال: "إنما هو من الصدي فكيف يجعل من المضعف"؟ وقد رد
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي على
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبي جعفر رده وقال: "قد ثبت أن يصدون من نحو الصوت فأخذه منه، وتصدية تفعلة"، ثم ذكر كلاما كثيرا. والثاني: أنها من الصد وهو المنع والأصل: تصددة بدالين أيضا، فأبدلت ثانيتهما ياء. ويؤيد هذا قراءة من قرأ "يصدون" بالضم أي: يمنعون.
وقرأ العامة "صلاتهم" رفعا، "مكاء" نصبا،
nindex.php?page=showalam&ids=11793وأبان بن تغلب nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش [ ص: 602 ] nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم بخلاف عنهما "وما كان صلاتهم" نصبا، "مكاء" رفعا. وخطأ
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي هذه القراءة وقال: لا يجوز أن يخبر عن النكرة بالمعرفة إلا في ضرورة كقول
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان: 2413 - كأن سبيئة من بيت رأس يكون مزاجها عسل وماء
وخرجها
أبو الفتح على أن المكاء والتصدية اسما جنس، يعني أنهما مصدران قال: واسم الجنس تعريفه وتنكيره متقاربان فلم يقال ثانيهما جعل اسما والآخر خبرا؟ وهذا يقرب من المعرف بأل الجنسية حيث وصف بالجملة، كما يوصف به النكرة كقوله تعالى:
وآية لهم الليل نسلخ منه النهار ، وقول الآخر:
2414 - ولقد مررت على اللئيم يسبني فمضيت ثمت قلت لا يعنيني
وقال بعضهم: وقد قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو "إلا مكا" بالقصر والتنوين، وهذا كما قالوا: بكاء وبكى بالمد والقصر. وقال الشاعر فجمع بين اللغتين:
2415 - بكت عيني وحق لها بكاها وما يغني البكاء ولا العويل