آ . (79) قوله تعالى :
الذين يلمزون : فيه أوجه ، أحدهما : أنه مرفوع على إضمار مبتدأ ، أي : هم الذين . الثاني : أنه في محل رفع بالابتداء و
" من المؤمنين " حال من
" المطوعين " ، و
" في الصدقات " متعلق بـ
" يلمزون " . و
والذين لا يجدون نسق على
" المطوعين " أي : يعيبون المياسير والفقراء .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي : " والذين " خفض عطفا على " المؤمنين " ، ولا يحسن عطفه على " المطوعين " ، لأنه لم يتم اسما بعد ، لأن
" فيسخرون " عطف على
" يلمزون " هكذا ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12940النحاس في " الإعراب " له ، وهو عندي وهم منه " . قلت : الأمر فيه كما ذكر فإن " المطوعين " قد تم من غير احتياج لغيره .
[ ص: 89 ] وقوله :
فيسخرون نسق على الصلة ، وخبر المبتدأ الجملة من قوله :
سخر الله منهم ، هذا أظهر إعراب قيل هنا . وقيل :
والذين لا يجدون نسق على
" الذين يلمزون " ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء . وهذا لا يجوز ؛ لأنه يلزم الإخبار عنهم ، بقوله :
سخر الله منهم وهذا لا يكون إلا بأن كان الذين لا يجدون منافقين ، وأما إذا كانوا مؤمنين كيف يسخر الله منهم ؟ وقيل :
والذين لا يجدون نسق على المؤمنين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء . وقال الشيخ : " وهو بعيد جدا " ، قلت : وجه بعده أنه يفهم أن الذين لا يجدون ليسوا مؤمنين ؛ لأن أصل العطف الدلالة على المغايرة فكأنه قيل : يلمزون المطوعين من هذين الصنفين : المؤمنين والذين لا يجدون ، فيكون الذين لا يجدون مطوعين غير مؤمنين .
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء :
" في الصدقات " متعلق بـ
" يلمزون " ، ولا يتعلق بالمطوعين لئلا يفصل بينهما بأجنبي " ، وهذا الرد فيه نظر ، إذ قوله :
" من المؤمنين " حال ، والحال ليست بأجنبي ، وإنما يظهر في رد ذلك أن " يطوع " إنما يتعدى بالباء لا بـ " في " ، وكون " في " بمعنى الباء خلاف الأصل .
وقيل :
فيسخرون خبر المبتدأ ، ودخلت الفاء لما تضمنه المبتدأ من معنى الشرط ، وفي هذا الوجه بعد من حيث إنه يقرب من كون الخبر في معنى المبتدأ ، فإن من عاب إنسانا وغمزه علم أنه يسخر منه فيكون كقولهم : " سيد الجارية مالكها " .
[ ص: 90 ] الثالث : أن يكون محله نصبا على الاشتغال بإضمار فعل يفسره
سخر الله منهم من طريق المعنى نحو : عاب الذين يلمزون سخر الله منهم . الرابع : أن ينتصب على الشتم . الخامس : أن يكون مجرورا بدلا من الضمير في
" سرهم ونجواهم " .
وقرئ " يلمزون " بضم الميم ، وقد تقدم أنها لغة .
وقوله :
سخر الله يحتمل أن يكون خبرا محضا ، وأن يكون دعاء . وقرأ الجمهور
" جهدهم " بضم الجيم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13723ابن هرمز وجماعة " جهدهم " بالفتح . فقيل : لغتان بمعنى واحد . وقيل : المفتوح المشقة ، والمضموم الطاقة قاله
القتبي . وقيل : المضموم شيء قليل يعاش به ، والمفتوح العمل .