آ . (65) قوله تعالى :
إن العزة : العامة على كسر " إن " استئنافا وهو مشعر بالعلية . وقيل : هو جواب سؤال مقدر كأن قائلا قال : لم لا يحزنه قولهم ، وهو مما يحزن ؟ فأجيب بقوله :
إن العزة لله جميعا ، ليس لهم منها شيء فكيف تبالي بهم وبقولهم ؟ .
والوقف على قوله :
قولهم ينبغي أن يعتمد ويقصد ثم يبتدأ بقوله :
" إن العزة " وإن كان من المستحيل أن يتوهم أحد أن هذا من مقولهم ، إلا من لا يعتبر بفهمه .
وقرأ
أبو حيوة : " أن العزة " بفتح " أن " . وفيها تخريجان ، أحدهما : أنها على حذف لام العلة ، أي : لا يحزنك قولهم لأجل أن العزة لله جميعا . والثاني : أن " أن " وما في حيزها بدل من " قولهم " كأنه قيل : ولا يحزنك أن العزة لله ، وكيف يظهر هذا التوجيه أو يجوز القول به ، وكيف ينهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك في المعنى وهو لم يتعاط شيئا من تلك الأسباب ، وأيضا فمن أي قبيل الإبدال هذا ؟ قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " ومن جعله بدلا من " قولهم " ثم أنكره فالمنكر هو تخريجه لا ما أنكره من القراءة به " ،
[ ص: 234 ] يعني أن إنكاره للقراءة منكر ؛ لأن معناها صحيح على ما ذكرت لك من التعليل ، وإنما المنكر هذا التخريج .
وقد أنكر جماعة هذه القراءة ونسبوها للغلط ولأكثر منه . قال
القاضي : " فتحها شاذ يقارب الكفر ، وإذا كسرت كان استئنافا وهذا يدل على فضيلة علم الإعراب " . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13438ابن قتيبة : " لا يجوز فتح " إن " في هذا الموضع وهو كفر وغلو " ، وقال الشيخ : " وإنما قالا ذلك بناء منهما على أن " أن " معمولة لـ " قولهم " . قلت : كيف تكون معمولة لـ " قولهم " وهي واجبة الكسر بعد القول إذا حكيت به ، كيف يتوهم ذلك ؟ وكما لا يتوهم هذا المعنى مع كسرها لا يتوهم أيضا مع فتحها ما دام له وجه صحيح .
و
" جميعا " حال من " العزة " ويجوز أن يكون توكيدا ولم يؤنث بالتاء ، لأن فعيلا يستوي فيه المذكر والمؤنث لشبهه بالمصادر ، وقد تقدم تحريره في قوله :
إن رحمت الله قريب .
وقوله :
قولهم ، قيل : حذفت صفته لفهم المعنى ، إذ التقدير : ولا يحزنك قولهم الدال على تكذيبك ، وحذف الصفة وإبقاء الموصوف قليل بخلاف عكسه . وقيل : بل هو عام أريد به الخاص .