[ ص: 239 ] آ . (71) قوله تعالى :
إذ قال : يجوز أن تكون " إذ " معمولة لـ
" نبأ " ، ويجوز أن تكون بدلا من
" نبأ " بدل اشتمال . وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن تكون حالا من
" نبأ " وليس بظاهر ، ولا يجوز أن يكون منصوبا بـ " اتل " لفساده ، إذ " اتل " مستقبل ، و " إذا " ماض ، و
" لقومه " اللام : إما للتبليغ وهو الظاهر ، وإما للعلة وليس بظاهر .
وقوله :
كبر عليكم مقامي من باب الإسناد المجازي كقولهم : " ثقل علي ظله " .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12004أبو رجاء وأبو مجلز nindex.php?page=showalam&ids=11838وأبو الجوزاء " مقامي " بضم الميم ، و " المقام " بالفتح مكان القيام ، وبالضم مكان الإقامة أو الإقامة نفسها . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية : " ولم يقرأ هنا بضم الميم " كأنه لم يطلع على قراءة هؤلاء الآباء .
قوله :
فعلى الله جواب الشرط .
وقوله :
فأجمعوا عطف على الجواب ، ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء غيره . واستشكل عليه أنه متوكل على الله دائما كبر عليهم مقامه أو لم يكبر . وقيل : جواب الشرط قوله
" فأجمعوا " وقوله
فعلى الله توكلت جملة اعتراضية بين الشرط وجوابه ، وهو كقول الشاعر :
2606 - إما تريني قد نحلت ومن يكن غرضا لأطراف الأسنة ينحل فلرب أبلج مثل ثقلك بادن
ضخم على ظهر الجواد مهبل
[ ص: 240 ] وقيل : الجواب محذوف ، أي : فافعلوا ما شئتم .
وقرأ العامة :
" فأجمعوا " أمرا من " أجمع " بهمزة القطع يقال : أجمع في المعاني ، وجمع في الأعيان ، فيقال : أجمعت أمري وجمعت الجيش ، هذا هو الأكثر . قال
الحارث بن حلزة :
2607 - أجمعوا أمرهم بليل فلما أصبحوا أصبحت لهم ضوضاء
وقال آخر :
2608 - يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمع
وهل أجمع متعد بنفسه أو بحرف جر ثم حذف اتساعا ؟ فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " من قولك " أجمعت على الأمر : إذا عزمت عليه ، إلا أنه حذف حرف الجر فوصل الفعل إليه . وقيل : هو متعد بنفسه في الأصل " وأنشد قول
الحارث . وقال
أبو فيد السدوسي : " أجمعت الأمر " أفصح من أجمعت عليه " وقال
أبو الهيثم : " أجمع أمره جعله مجموعا بعدما كان متفرقا " قال : " وتفرقته أن يقول مرة افعل كذا ، ومرة افعل كذا ، وإذا عزم على أمر واحد فقد جمعه أي : جعله جميعا ، فهذا هو الأصل في الإجماع ، ثم صار بمعنى العزم حتى وصل بـ " على " فقيل : أجمعت على الأمر أي : عزمت عليه ، والأصل : أجمعت الأمر .
وقرأ العامة :
" وشركاءكم " نصبا وفيه أوجه ، أحدها : أنه معطوف على
" أمركم " بتقدير حذف مضاف ، أي : وأمر شركائكم كقوله :
واسأل القرية ، ودل على ذلك ما قدمته من أن " أجمع " للمعاني . والثاني : أنه
[ ص: 241 ] عطف عليه من غير تقدير حذف مضاف ، قيل : لأنه يقال أيضا : أجمعت شركائي . الثالث : أنه منصوب بإضمار فعل لائق ، أي : وأجمعوا شركاءكم بوصل الهمزة . وقيل : تقديره : وادعوا ، وكذلك هي في مصحف
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي " وادعوا " فأضمر فعلا لائقا كقوله تعالى :
والذين تبوءوا الدار والإيمان ، أي : واعتقدوا الإيمان ، ومثله قول الآخر :
2609 - فعلفتها تبنا وماء باردا حتى شتت همالة عيناها
وكقوله :
2610 - يا ليت زوجك قد غدا متقلدا سيفا ورمحا
وقول الآخر :
2611 - إذا ما الغانيات برزن يوما وزججن الحواجب والعيونا
يريد : ومعتقلا رمحا ، وكحلن العيونا . وقد تقدم أن في هذه الأماكن غير هذا التخريج . الرابع : أنه مفعول معه ، أي : مع " شركائكم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي : " وقد ينصب الشركاء بواو مع ، كما قالوا : جاء البرد والطيالسة " ، ولم يذكر
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري غير قول
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبي علي . قال الشيخ : " وينبغي أن يكون هذا التخريج على أنه مفعول معه من الفاعل ، وهو الضمير في " فأجمعوا " لا من المفعول الذي هو " أمركم " وذلك على أشهر الاستعمالين ،
[ ص: 242 ] لأنه يقال : " أجمع الشركاء أمرهم ، ولا يقال : " جمع الشركاء أمرهم " إلا قليلا ، قلت : يعني أنه إذا جعلناه مفعولا معه من الفاعل كان جائزا بلا خلاف ، لأن من النحويين من اشترط في صحة نصب المفعول معه أن يصلح عطفه على ما قبله ، فإن لم يصلح عطفه لم يصح نصبه مفعولا معه ، فلو جعلناه من المفعول لم يجز على المشهور ، إذ لا يصلح عطفه على ما قبله ، إذ لا يقال : أجمعت شركائي ، بل جمعت .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج والجحدري nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب والأصمعي عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع " فاجمعوا " بوصل الألف وفتح الميم من جمع يجمع ، و " شركاءكم " على هذه القراءة يتضح نصبه نسقا على ما قبله ، ويجوز فيه ما تقدم في القراءة الأولى من الأوجه . قال صاحب " اللوامح " : " أجمعت الأمر : أي : جعلته جميعا ، وجمعت الأموال جمعا ، فكان الإجماع في الأحداث والجمع في الأعيان ، وقد يستعمل كل واحد مكان الآخر ، وفي التنزيل :
فجمع كيده . قلت : وقد اختلف القراء في قوله تعالى :
فأجمعوا كيدكم ، فقرأ الستة بقطع الهمزة ، جعلوه من أجمع وهو موافق لما قيل : " إن " أجمع " في المعاني . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو وحده " فاجمعوا " بوصل الألف ، وقد اتفقوا على قوله
" فجمع كيده ثم أتى " فإنه من الثلاثي ، مع أنه متسلط على معنى لا عين . ومنهم من جعل للثلاثي معنى غير معنى الرباعي فقال في قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو من جمع يجمع ضد فرق يفرق ، وجعل قراءة الباقين من " أجمع أمره " إذا أحكمه وعزم عليه ، ومنه قول الشاعر :
[ ص: 243 ] 2612 - يا ليت شعري والمنى لا تنفع هل أغدون يوما وأمري مجمع
وقيل : المعنى : فاجمعوا على كيدكم ، فحذف حرف الجر .
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=14510والسلمي nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى بن عمر وابن أبي إسحاق وسلام nindex.php?page=showalam&ids=17379ويعقوب " وشركاؤكم " رفعا . وفيه تخريجان ، أحدهما : أنه نسق على الضمير المرفوع بأجمعوا قبله ، وجاز ذلك إذ الفصل بالمفعول سوغ العطف ، والثاني : أنه مبتدأ محذوف الخبر ، تقديره : وشركاؤكم فليجمعوا أمرهم .
وشذت فرقة فقرأت : " وشركائكم " بالخفض ووجهت على حذف المضاف وإبقاء المضاف إليه مجرورا على حاله كقوله :
2613 - أكل امرئ تحسبين أمرأ ونار توقد بالليل نارا
أي : وكل نار ، فتقدير الآية : وأمر شركائكم ، فحذف الأمر وأبقى ما بعده على حاله ، ومن رأى برأي الكوفيين جوز عطفه على الضمير في " أمركم " من غير تأويل ، وقد تقدم ما فيه من المذاهب أعني العطف على الضمير المجرور من غير إعادة الجار في سورة البقرة .
قوله :
غمة يقال : غم وغمة نحو كرب وكربة . قال
أبو الهيثم : " هو من قولهم : " غم علينا الهلال فهو مغموم إذا التمس فلم ير . قال
طرفة ابن العبد .
2614 - لعمرك ما أمري علي بغمة نهاري ولا ليلي علي بسرمد
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15124الليث : " يقال : هو في غمة من أمره إذا لم يتبين له .
[ ص: 244 ] قوله :
ثم اقضوا مفعول " اقضوا " محذوف ، أي : اقضوا إلي ذلك الأمر الذي تريدون إيقاعه كقوله :
وقضينا إليه ذلك الأمر فعداه لمفعول صريح . وقرأ
السري " ثم أفضوا " بقطع الهمزة والفاء ، من أفضى يفضي إذا انتهى ، يقال : أفضيت إليك ، قال تعالى :
وقد أفضى بعضكم إلى بعض فالمعنى : ثم افضوا إلى سركم ، أي : انتهوا به إلي . وقيل : معناه : أسرعوا به إلي . وقيل : هو من أفضى ، أي : خرج إلى الفضاء ، أي : فأصحروا به إلي ، وأبرزوه لي كقوله :
2615 - أبى الضيم والنعمان يحرق نابه عليه فأفضى والسيوف معاقله
ولام الفضاء واو ؛ لأنه من فضا يفضو ، أي : اتسع . وقوله : " لا تنظرون " ، أي : لا تؤخرون من النظرة وهي التأخير .