آ. (43) قوله تعالى:
مهطعين مقنعي رءوسهم : حالان من المضاف المحذوف; إذ التقدير: أصحاب الأبصار، إذ يقال: شخص زيد بصره، أو تكون الأبصار دلت على أربابها فجاءت الحال من المدلول عليه، قالهما
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء. وقيل:
"مهطعين" منصوب بفعل مقدر، أي: يبصرهم مهطعين. ويجوز في
"مقنعي" أن يكون حالا من الضمير في "مهطعين" فتكون حالا متداخلة. وإضافة "مقنعي" غير حقيقية فلذلك وقعت حالا.
والإهطاع: قيل: الإسراع في المشي قال:
2903 - إذا دعانا فأهطعنا لدعوته داع سميع فلفونا وساقونا
[ ص: 120 ] وقال:
2904 - وبمهطع سرح كأن عنانه في [رأس] جذع ... ... ... ...
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: "قد يكون الإسراع وإدامة النظر". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: "هطع الرجل ببصره إذا صوبه، وبعير مهطع إذا صوب عنقه". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش: "هو الإقبال على الإصغاء"، وأنشد:
2905 - بدجلة دارهم ولقد أراهم بدجلة مهطعين إلى السماع
والمعنى: مقبلين برؤوسهم إلى سماع الداعي. وقال ثعلب: "أهطع الرجل إذا نظر بذل وخشوع، لا يقلع ببصره"، وهذا موافق لقول
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبي عبيد فقد سمع فيه: أهطع وهطع رباعيا وثلاثيا.
[ ص: 121 ] والإقناع: رفع الرأس وإدامة النظر من غير التفات إلى غيره، قاله
القتبي وابن عرفة، ومنه قوله يصف إبلا ترعى أعالي الشجر فترفع رؤوسها:
2906 - يباكرن العضاه بمقنعات نواجذهن كالحدأ الوقيع
ويقال: أقنع رأسه، أي: طأطأها ونكسها فهو من الأضداد، والقناعة: الاجتزاء باليسير، ومعنى قنع بكذا: ارتفع رأسه عن السؤال، وفم مقنع: معطوف الأسنان إلى داخله، ورجل مقنع بالتشديد. ويقال: قنع يقنع قناعة وقنعا إذا رضي، وقنع قنوعا إذا سأل، فوقع الفرق بالمصدر.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: قال بعضهم: أصل هذه الكلمة من القناع، وهو ما يغطي الرأس، والقانع من [لا] يلح في السؤال فيرضى بما يأتيه كقوله:
[ ص: 122 ] 2907 - لمال المرء يصلحه فيغني مفاقره أعف من القنوع
ورجل مقنع يقنع به. قال:
2908 - ... ... ... ... شهودي على ليلى عدول مقانع
والرؤوس: جمع رأس وهو مؤنث، ويجمع في القلة على أرؤس، وفي الكثرة على رؤوس، والأرأس: العظيم الرأس، ويعبر بها عن الرجل العظيم كالوجه، والرئيس مشتق من ذلك، ورئاس السيف مقبضه، وشاة رأساء اسودت رأسها.
قوله:
لا يرتد إليهم في محل نصب على الحال أيضا من الضمير في "مقنعي". ويجوز أن يكون بدلا من "مقنعي" كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء، يعني أنه يحل محله. ويجوز أن يكون استئنافا.
والطرف في الأصل مصدر، وأطلق على الفاعل لقولهم: "ما فيهم عين تطرف"، [ولعله] هنا العين. قال:
2909 - وأغض طرفي ما بدت لي جارتي حتى يواري جارتي مأواها
[ ص: 123 ] والطرف: الجفن أيضا، يقال: ما طبق طرفه أي جفنه على الآخر، والطرف أيضا تحريك الجفن.
قوله:
وأفئدتهم هواء يجوز أن يكون استئنافا، وأن يكون حالا، والعامل فيه: إما "يرتد"، وإما ما قبله من العوامل. وأفرد "هواء" وإن كان خبرا عن جمع لأنه في معنى: فارغة متخرقة، ولو لم يقصد ذلك لقال: "أهوية" ليطابق الخبر مبتدأه.
والهواء: الخالي من الأجسام، ويعبر به عن الجبن، يقال: جوفه هواء، أي: فارغ، قال
زهير: 2910 - كأن الرحل منها فوق صعل من الظلمان جؤجؤه هواء
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=144حسان بن ثابت رضي الله عنه:
2911 - ... ... ... ... وأنت مجوف نخب هواء
النخب: الذي أخذت نخبته، أي: خياره.