آ. (26) قوله تعالى:
من صلصال :
"من" لابتداء الغاية أو للتبعيض. والصلصال: قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة: "وهو الطين المختلط بالرمل، ثم يجف، فيسمع له صلصلة، أي: تصويت". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "الطين اليابس الذي يصلصل من غير طبخ، فإذا طبخ فهو فخار". وقال
أبو الهيثم: "هو صوت اللجام وما أشبهه كالقعقعة في الثوب". وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري أيضا: "قالوا: إذا توهمت في صوته مدا فهو صليل، وإن توهمت فيه ترجيعا فهو صلصلة. وقيل: هو من تضعيف "صل": إذا أنتن". انتهى. وصلصال هنا بمعنى مصلصل كزلزال بمعنى مزلزل، ويكون فعلال أيضا مصدرا نحو: الزلزال. ويجوز كسره أيضا.
[ ص: 156 ] وفي وزن هذا النوع أعني ما تكررت فاؤه وعينه خلاف، فقيل: وزنه فعفع، كررت الفاء والعين ولا لام للكلمة، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وغيره. وهو غلط لأن أقل الأصول ثلاثة: فاء وعين ولام. الثاني: أن وزنه فعفل وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء. الثالث: أنه فعل بتشديد العين وأصله صلل، فلما اجتمع ثلاثة أمثال أبدل الثاني من جنس فاء الكلمة وهو مذهب كوفي. وخص بعضهم هذا الخلاف بما إذا لم يختل المعنى بسقوطه نحو: لملم وكبكب فإنك تقول فيهما: لم وكب، فلو لم يصح المعنى بسقوطه نحو: سمسم، قال: فلا خلاف في أصالة الجميع.
قوله:
من حمإ فيه وجهان، أحدهما: أنه في محل جر صفة لصلصال، فيتعلق بمحذوف. والثاني: أنه بدل من
"صلصال" بإعادة الجار.
والحمأ: الطين الأسود المنتن. قال الليث: "واحده حمأة بتحريك العين"، جعله اسم جنس، وقد غلط في ذلك; فإن أهل اللغة قالوا: لا يقال إلا "حمأة" بالإسكان، ولا يعرف التحريك، نص عليه
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة وجماعة، وأنشدوا
nindex.php?page=showalam&ids=11822لأبي الأسود: 2939 - يجيء بملئها طورا وطورا يجيء بحمأة وقليل ماء
فلا تكون "الحمأة" واحدة "الحمأ" لاختلاف الوزنين.
[ ص: 157 ] والمسنون: المصبوب من قولهم: سننت الشراب كأنه لرطوبته جعل مصبوبا كغيره من المائعات، فكأن المعنى: أفرغ صورة إنسان كما تفرغ الجواهر المذابة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "وحق مسنون بمعنى مصور أن يكون صفة لصلصال، كأنه أفرغ الحمأ فصور منه تمثال شخص". قلت: يعني أنه يصير التقدير: من صلصال مصور، ولكن يلزم تقديم الوصف المؤول على الصريح إذا جعلنا:
من حمإ صفة لصلصال، أما إذا جعلناه بدلا منه فلا. وقيل: مسنون مصور، من سنة الوجه وهي صورته. قال الشاعر:
2940 - تريك سنة وجه غير مقرفة ... ... ... ...
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "من سننت الحجر بالحجر: إذا حككته به فالذي يسيل بينهما "سنين" ولا يكون إلا منتنا". وقيل: المسنون: المنسوب إليه، والمعنى: ينسب إليه ذرية، وكأن هذا القائل أخذه من الواقع. وقيل: هو من أسن الماء إذا تغير، وهذا غلط لاختلاف المادتين.