آ. (73) قوله تعالى:
شيئا : فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه منصوب على المصدر، أي: لا يملك لهم ملكا، أي: شيئا من الملك. والثاني: أنه بدل من
"رزقا"، أي: لا يملك لهم شيئا. وهذا غير مفيد; إذ من المعلوم أن الرزق شيء من الأشياء، ويؤيد ذلك: أن البدل يأتي لأحد معنيين: البيان أو التأكيد، وهذا ليس فيه بيان; لأنه أعم، ولا تأكيد. الثالث: أنه منصوب ب "رزقا" على أنه اسم مصدر، واسم المصدر يعمل عمل المصدر على خلاف في ذلك.
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي أن اسم المصدر لا يعمل عند البصريين إلا في شعر. قلت: وقد اختلفت النقلة عند البصريين: فمنهم من نقل المنع، ومنهم من
[ ص: 267 ] نقل الجواز. وقد ذكر
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي انتصابه ب "رزقا" كما تقدم. ورد عليه
ابن الطراوة بأن الرزق اسم المرزوق كالرعي والطحن. ورد على
ابن الطراوة: بأن الرزق بالكسر أيضا مصدر، وقد سمع فيه ذلك. قلت: فظاهر هذا أنه مصدر بنفسه لا اسم مصدر.
وقوله:
من السماوات فيه ثلاثة أوجه: أحدها: أنه متعلق ب
"يملك"، وذلك على الإعرابين الأولين في نصب "شيئا". الثاني: أنه متعلق بمحذوف على أنه صفة ل "رزقا". الثالث: أن يتعلق بنفس "رزقا" إن جعلناه مصدرا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية: -بعد أن ذكر إعمال المصدر منونا- والمصدر يعمل مضافا باتفاق; لأنه في تقدير الانفصال، ولا يعمل إذ دخله الألف واللام; لأنه قد توغل في حال الأسماء، وبعد عن الفعلية، وتقدير الانفصال في الإضافة حسن عمله، وقد جاء عاملا مع الألف واللام في قول الشاعر:
3005 - ضعيف النكاية أعداءه ... ... ... ...
وقوله:
3006 - ... ... ... ... فلم أنكل عن الضرب مسمعا
[ ص: 268 ] قال الشيخ: أما قوله "باتفاق": إن عنى من البصريين فصحيح، وإن عنى من النحويين فليس بصحيح; إذ قد ذهب بعضهم إلى أنه لا يعمل. فإن وجد بعده منصوب أو مرفوع قدر له عاملا. وأما قوله: "في تقدير الانفصال" فليس كذلك; لئلا تكون إضافته غير محضة، كما قال به
ابن الطراوة وابن برهان. ومذهبهما فاسد; لأن هذا المصدر قد نعت وأكد بالمعرفة. وقوله: "لا يعمل" إلى آخره ناقضه بقوله: "وقد جاء عاملا" إلى آخره.
قلت: فغاية ما في هذا أنه نحا إلى أقوال قال بها غيره. وأما المناقضة فليست صحيحة; لأنه عنى أولا أنه لا يعمل في السعة، وثانيا أنه قد جاء عاملا في الضرورة، ولذلك قيده فقال: "في قول الشاعر".
قوله:
ولا يستطيعون يجوز في الجملة وجهان: العطف على صلة "ما"، والإخبار عنهم بنفي الاستطاعة على سبيل الاستئناف، ويكون قد جمع الضمير العائد على "ما" باعتبار معناها; إذ المراد بذلك آلهتهم، ويجوز أن يكون الضمير عائدا على العابدين.