آ. (36) قوله تعالى:
ولا تقف : العامة على هذه القراءة، أي: لا تتبع، من قفاه يقفوه إذا تتبع أثره، قال
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة: 3062 - ومثل الدمى شم العرانين ساكن بهن الحياء لا يشعن التقافيا
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15102الكميت: 3063 - فلا أرمي البريء بغير ذنب ولا أقفو الحواصن إن قفينا
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي: "ولا تقفو" بإثبات الواو، وقد تقدم أن إثبات حرف
[ ص: 352 ] العلة جزما لغة قوم، وضرورة عند غيرهم كقوله:
3064 - ... ... ... ... من هجو زبان لم تهجو ولم تدع
وقرأ
معاذ القارئ: "ولا تقف" بزنة تقل، من قاف يقوف، أي: تتبع أيضا، وفيه قولان: أحدهما: أنه مقلوب من قفا يقفو، والثاني: وهو الأظهر - أنه لغة مستقلة جيدة كجبذ وجذب، لكثرة الاستعمالين، ومثله: قعا الفحل الناقة وقاعها.
قوله:
"والفؤاد" قرأ
الجراح العقيلي بفتح الفاء وواو خالصة. وتوجيهها: أنه أبدل الهمزة واوا بعد الضمة في القراءة المشهورة، ثم فتح فاء الكلمة بعد البدل لأنها لغة في الفؤاد، يقال: فؤاد وفآد، وأنكرها
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم، أعني القراءة، وهو معذور.
والباء في
"به" متعلقة بما تعلق به
"لك" ولا تتعلق ب
"علم" لأنه مصدر، إلا عند من يتوسع في الجار.
قوله:
"أولئك" إشارة إلى ما تقدم من السمع والبصر والفؤاد كقوله:
[ ص: 353 ] 3065 - ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
ف "أولئك" يشار به إلى العقلاء وغيرهم من الجموع. واعتذر
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية عن الإشارة به لغير العقلاء فقال: "وعبر عن السمع والبصر والفؤاد ب "أولئك" لأنها حواس لها إدراك، وجعلها في هذه الآية مسؤولة فهي حالة من يعقل، ولذلك عبر عنها بكناية من يعقل، وقد قال
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه -رحمه الله- في قوله:
رأيتهم لي ساجدين إنما قال: "رأيتهم" في نجوم; لأنه لما وصفها بالسجود -وهو فعل من يعقل- عبر عنها بكناية من يعقل. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج أن العرب تعبر عمن يعقل وعمن لا يعقل ب "أولئك"، وأنشد هو
nindex.php?page=showalam&ids=16935والطبري: ذم المنازل بعد منزلة اللوى والعيش بعد أولئك الأيام
وأما حكاية
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبي إسحاق عن اللغة فأمر يوقف عنده، وأما البيت فالرواية فيه "الأقوام". ولا حاجة إلى هذا الاعتذار لما عرفت. وأما قوله: إن الرواية: "الأقوام" فغير معروفة والمعروف إنما هو "الأيام".
قوله:
كل أولئك مبتدأ، والجملة من "كان" خبره، وفي اسم "كان" وجهان، أحدهما: أنه عائد على "كل" باعتبار لفظها، وكذا الضمير
[ ص: 354 ] في
"عنه"، و "عنه" متعلق ب
"مسئولا"، و
"مسئولا" خبرها.
والثاني: أن اسمها ضمير يعود على القافي، وفي "عنه" يعود على "كل" وهو من الالتفات; إذ لو جرى على ما تقدم لقيل: كنت عنه مسئولا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : و "عنه" في موضع الرفع بالفاعلية، أي: كل واحد كان مسئولا عنه، فمسؤول مسند إلى الجار والمجرور كالمغضوب في قوله:
غير المغضوب عليهم . انتهى. وفي تسميته مفعول ما لم يسم فاعله فاعلا خلاف الاصطلاح.
وقد رد الشيخ عليه قوله: بأن القائم مقام الفاعل حكمه حكمه، فلا يتقدم على رافعه كأصله. وليس لقائل أن يقول: يجوز على رأي الكوفيين فإنهم يجيزون تقديم الفاعل; لأن النحاس حكى الإجماع على عدم جواز تقديم القائم مقام الفاعل إذا كان جارا ومجرورا، فليس هو نظير قوله:
غير المغضوب عليهم فحينئذ يكون القائم مقام الفاعل الضمير المستكن العائد على "كل" أو على القافي.