آ. (78) قوله تعالى:
لدلوك : في هذه اللام وجهان، أحدهما: أنها بمعنى "بعد"، أي: بعد دلوك الشمس، ومثله قول
متمم بن نويرة: [ ص: 396 ] 3090 - فلما تفرقنا كأني ومالكا لطول اجتماع لم نبت ليلة معا
ومثله قولهم: "كتبته لثلاث خلون". والثاني: أنها على بابها، أي: لأجل دلوك. قال الواحدي: "لأنها إنما تجب بزوال الشمس".
والدلوك: مصدر دلكت الشمس، وفيه ثلاثة أقوال، أشهرها: أنه الزوال، وهو نصف النهار. والثاني: أنه من الزوال إلى الغروب. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "واشتقاقه من الدلك; لأن الإنسان يدلك عينه عند النظر إليها". قلت: وهذا يفهم أنه ليس بمصدر; لأنه جعله مشتقا من المصدر. والثالث: أنه الغروب، وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء عليه قوله:
3091 - هذا مقام قدمي رباح ذبب حتى دلكت براح
أي: غربت براح، وهي الشمس. وأنشد
nindex.php?page=showalam&ids=13438ابن قتيبة على ذلك قول
nindex.php?page=showalam&ids=15871ذي الرمة: 3092 - مصابيح ليست باللواتي تقودها نجوم ولا بالآفلات الدوالك
[ ص: 397 ] أي: الغاربات، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14343الراغب: دلوك الشمس ميلها للغروب، وهو من قولهم: دلكت الشمس: دفعتها بالراح، ومنه: دلكت الشيء في الراحة، ودلكت الرجل: ماطلته، والدلوك: ما دلكته من طيب، والدليك: طعام يتخذ من زبد وتمر.
قوله:
إلى غسق الليل في هذا الجار وجهان، أحدهما: أنه متعلق ب
"أقم" فهي لانتهاء غاية الإقامة، وكذلك اللام في "لدلوك" متعلقة به أيضا. والثاني: أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من
"الصلاة"، أي: أقمها ممدودة إلى غسق الليل، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء. وفيه نظر؛ من حيث إنه قدر المتعلق كونا مقيدا، إلا أن يريد تفسير المعنى لا الإعراب.
والغسق: دخول أول الليل، قاله
ابن شميل. وأنشد:
3093 - إن هذا الليل قد غسقا واشتكيت الهم والأرقا
وقيل: هو سواد الليل وظلمته، وأصله من السيلان: غسقت العين، أي: سال دمعها فكأن الظلمة تنصب على العالم وتسيل عليهم قال:
3094 - ظلت تجود يداها وهي لاهية حتى إذا هجم الإظلام والغسق
[ ص: 398 ] ويقال: غسقت العين: امتلأت دمعا، وغسق الجرح: امتلأ دما، فكأن الظلمة ملأت الوجود. والغاسق في قوله:
ومن شر غاسق قيل: المراد به القمر إذا كسف واسود. وقيل: الليل. والغساق بالتخفيف والتشديد ما يسيل من صديد أهل النار. ويقال: غسق الليل وأغسق، وظلم وأظلم، ودجى وأدجى، وغبش وأغبش، نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء.
قوله:
قرآن الفجر فيه أوجه، أحدها: أنه عطف على
"الصلاة"، أي: وأقم قرآن الفجر، والمراد به صلاة الصبح، عبر عنها ببعض أركانها. والثاني: أنه منصوب على الإغراء، أي: وعليك قرآن الفجر، كذا قدره
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش وتبعه
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء، وأصول البصريين تأبى هذا; لأن أسماء الأفعال لا تعمل مضمرة. الثالث: أنه منصوب بإضمار فعل، أي: كثر قرآن أو الزم قرآن الفجر.