آ. (106) قوله تعالى:
وقرآنا فرقناه : في نصبه أوجه، أحدها: أنه منصوب بفعل مقدر، أي: "وآتيناك قرآنا" يدل عليه قوله:
ولقد آتينا موسى . الثاني: أنه منصوب عطفا على الكاف في
"أرسلناك". قال
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية: "من حيث كان إرسال هذا وإنزال هذا معنى واحدا".
الثالث: أنه منصوب عطفا على:
مبشرا ونذيرا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء: هو منصوب ب "أرسلناك"، أي: ما أرسلناك إلا مبشرا ونذيرا وقرآنا، كما تقول: ورحمة لأن القرآن رحمة. قلت: يعني أنه جعل نفس القرآن مرادا به الرحمة مبالغة، ولو ادعى ذلك على حذف مضاف كان أقرب، أي: وذا قرآن. وهذان الوجهان متكلفان.
الرابع: أن ينتصب على الاشتغال، أي: وفرقنا قرآنا فرقناه. واعتذر الشيخ عن ذلك، أي: عن كونه لا يصح الابتداء به لو جعلناه مبتدأ لعدم مسوغ; لأنه لا يجوز الاشتغال إلا حيث يجوز في ذلك الاسم الابتداء، بأن ثم صفة محذوفة، تقديره: وقرآنا أي قرآن، بمعنى عظيم. و
"فرقناه" على
[ ص: 426 ] هذا لا محل له بخلاف الأوجه المتقدمة; فإن محله النصب لأنه نعت ل "قرآنا".
والعامة
"فرقناه" بالتخفيف، أي: بينا حلاله وحرامه، أو فرقنا فيه بين الحق والباطل. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=8علي بن أبي طالب كرم الله وجهه
nindex.php?page=showalam&ids=34وأبي nindex.php?page=showalam&ids=10وعبد الله nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس nindex.php?page=showalam&ids=14577والشعبي nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة وحميد في آخرين بالتشديد. وفيه وجهان، أحدهما: أن التضعيف فيه للتكثير، أي: فرقنا آياته بين أمر ونهي وحكم وأحكام ومواعظ وأمثال وقصص وأخبار ماضية ومستقبلة. والثاني: أنه دال على التفريق والتنجيم.
قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "وعن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قرأ مشددا، وقال: لم ينزل في يومين ولا في ثلاثة، بل كان بين أوله وآخره عشرون سنة، يعني أن "فرق" بالتخفيف يدل على فصل متقارب".
قال الشيخ: وقال بعض من اختار ذلك يعني التنجيم لم ينزل في يوم ولا يومين ولا شهر ولا شهرين، ولا سنة ولا سنتين. قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس: كان بين أوله وآخره عشرون سنة، كذا قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس. قلت: وظاهر هذا أن القول بالتنجيم ليس مرويا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ولا سيما وقد فصل قوله: "قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس" من قوله: "وقال بعض من اختار ذلك" ومقصوده أنه لم يسنده
nindex.php?page=showalam&ids=11لابن عباس ليتم له الرد على
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في أن فعل بالتشديد لا يدل على التفريق، وقد تقدم له معه هذا المبحث أول هذا الموضوع.
[ ص: 427 ] قوله:
"لتقرأه" متعلق ب
"فرقناه". و
"على مكث" فيه ثلاثة أوجه، أحدها: أنه متعلق بمحذوف، على أنه حال من الفاعل أو المفعول في "لتقرأه"، أي: متمهلا مترسلا.
والثاني: أنه بدل من
"على الناس" قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي، وهو وهم، لأن قوله:
"على مكث" من صفات القارئ أو المقروء من جهة المعنى، لا من صفات الناس حتى يكون بدلا منهم. الثالث: أنه متعلق ب "فرقناه".
وقال الشيخ: "والظاهر تعلق "على مكث" بقوله: "لتقرأه"، ولا يبالى بكون الفعل يتعلق به حرفا جر من جنس واحد لأنه اختلف معنى الحرفين; لأن الأول في موضع المفعول به، والثاني في موضع الحال، أي: متمهلا مترسلا".
قلت: قوله أولا إنه متعلق بقوله: "لتقرأه" ينافي قوله في موضع الحال; لأنه متى كان حالا تعلق بمحذوف. لا يقال: أراد التعلق المعنوي لا الصناعي لأنه قال: ولا يبالى بكون الفعل يتعلق به حرفا جر من جنس [واحد]، وهذا تفسير إعراب لا تفسير معنى.
والمكث: التطاول في المدة وفيه ثلاثة لغات: الضم والفتح ونقل القراءة بهما
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء، والكسر، ولم يقرأ به فيما علمت. وفي فعله الفتح والضم وسيأتيان إن شاء الله تعالى في النمل.