آ. (26) قوله:
وقري عينا : "عينا" نصب على التمييز منقول من الفاعل، إذ الأصل: لتقر عينك. والعامة على فتح القاف من "قري" أمرا من قرت عينه تقر، بكسر العين في الماضي، وفتحها في المضارع.
وقرئ بكسر القاف، وهي لغة نجد يقولون: قرت عينه تقر بفتح
[ ص: 590 ] العين في الماضي وكسرها في المضارع، والمشهور أن مكسور العين في الماضي للعين، والمفتوحها في المكان. يقال: قررت بالمكان أقر به، وقد يقال: قررت بالمكان بالكسر. وسيأتي ذلك في قوله تعالى:
وقرن في بيوتكن .
وفي وصف العين بذلك تأويلان، أحدهما: أنه مأخوذ من "القر" وهو البرد: وذلك أن العين إذا فرح صاحبها كان دمعها قارا أي باردا، وإذا حزن كان حرا ولذلك قالوا في الدعاء عليه: "أسخن الله عينه"، وفي الدعاء له: "أقر الله عينه". وما أحلى قول
nindex.php?page=showalam&ids=11952أبي تمام: 3230 - فأما عيون العاشقين فأسخنت وأما عيون الشامتين فقرت
والثاني: أنه مأخوذ من الاستقرار، والمعنى: أعطاه الله ما يسكن عينه فلا تطمح إلى غيره.
قوله:
فإما ترين دخلت "إن" الشرطية على "ما" الزائدة للتوكيد، فأدغمت فيها، وكتبت متصلة. و "ترين" تقدم تصريفه. والعامة على صريح الياء المكسورة وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو في رواية: "ترئن" بهمزة مكسورة بدل
[ ص: 591 ] الياء، وكذلك روي عنه "لترؤن" بإبدال الواو همزة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : هذا من لغة من يقول: لبأت بالحج وحلأت السويق - يعني بالهمز - وذلك لتآخ بين الهمز وحروف اللين. وتجرأ
ابن خالويه على
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو فقال: "هو لحن عند أكثر النحويين".
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر قارئ المدينة
وشيبة nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة: "ترين" بياء ساكنة ونون خفيفة. قال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني: "وهي شاذة". قلت: لأنه كان ينبغي أن يؤثر الجازم، وتحذف نون الرفع. كقول
الأفوه: 3231 - إما تري رأسي أزرى به ماس زمان ذي انتكاث مؤوس
ولم يؤثر هنا شذوذا. وهذا نظير قول الآخر:
3232 - لولا فوارس من نعم وأسرتهم يوم الصليفاء لم يوفون بالجار
فلم يعمل "لم"، وأبقى نون الرفع.
و
"من البشر" حال من "أحدا" لأنه لو تأخر لكان وصفا. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: "أو مفعول"، يعني أنه متعلق بنفس الفعل قبله.
قوله:
"فقولي" بين هذا الجواب وشرطه جملة محذوفة، تقديره: فإما
[ ص: 592 ] ترين من البشر أحدا فسألك الكلام فقولي. وبهذا المقدر نخلص من إشكال: وهو أن قولها:
فلن أكلم اليوم إنسيا كلام، فيكون ذلك تناقضا; لأنها قد كلمت إنسيا بهذا الكلام. وجوابه ما تقدم: وقيل: المراد بقوله: "فقولي" إلى آخره، أنه بالإشارة. وليس بشيء. بل المعنى: فلن أكلم اليوم إنسيا بعد هذا الكلام.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي: "صياما" بدل "صوم"، وهما مصدران.