آ. (69) قوله:
أيهم أشد : في هذه الآية أقوال كثيرة، أظهرها
[ ص: 621 ] عند الجمهور من المعربين، وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه: أن "أيهم" موصولة بمعنى الذي، وأن حركتها حركة بناء بنيت عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه، لخروجها عن النظائر، و
"أشد" خبر مبتدأ مضمر، والجملة صلة ل "أيهم"، و "أيهم" وصلتها في محل نصب مفعولا بها بقوله "لننزعن".
و ل "أي" أحوال أربعة، أحدها: تبنى فيها وهي - كما في الآية - أن تضاف ويحذف صدر صلتها، ومثله قول الشاعر:
3248 - إذا ما أتيت بني مالك فسلم على أيهم أفضل
بضم "أيهم" وتفاصيلها مقررة في موضوعات النحو.
وزعم
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل رحمه الله أن: "أيهم" هنا مبتدأ، و "أشد" خبره، وهي استفهامية والجملة محكية بقول مقدر والتقدير: لننزعن من كل شيعة المقول فيهم: أيهم أشد. وقوى
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل تخريجه بقول الشاعر:
3249 - ولقد أبيت من الفتاة بمنزل فأبيت لا حرج ولا محروم
قال: تقديره: فأبيت يقال في: لا حرج ولا محروم.
وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=17414يونس إلى أنها استفهامية مبتدأة، ما بعدها خبرها كقول
[ ص: 622 ] nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل، إلا أنه زعم أنها معلقة ل "ننزعن" فهي في محل نصب، لأنه يجوز التعليق في سائر الأفعال، ولا يخصه بأفعال القلوب، كما يخصه بها الجمهور.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "ويجوز أن يكون النزع واقعا على:
من كل شيعة كقوله:
ووهبنا لهم من رحمتنا ، أي: لننزعن بعض كل شيعة فكأن قائلا قال: من هم؟ فقيل: أيهم أشد عتيا". فجعل "أيهم" موصولة أيضا، ولكن هي في قوله خبر مبتدأ محذوف، أي: هم الذين هم أشد.
قال الشيخ: وهذا تكلف ما لا حاجة إليه، وادعاء إضمار غير محتاج إليه، وجعل ما ظاهره أنه جملة واحدة جملتين.
وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء عن
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي أن مفعول لننزعن
كل شيعة و "من" مزيدة، قال: وهما يجيزان زيادة "من"، و "أي" استفهام، أي: للنزعن كل شيعة. وهذا يخالف في المعنى تخريج الجمهور; فإن تخريجهم يؤدي إلى التبعيض، وهذا يؤدي إلى العموم، إلا أن تجعل "من" لابتداء الغاية لا للتبعيض فيتفق التخريجان.
[ ص: 623 ] وذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي إلى أن معنى "لننزعن" لننادين، فعومل معاملته، فلم يعمل في "أي". قال
المهدوي: "ونادى يعلق إذا كان بعده جملة نصب، فيعمل في المعنى، ولا يعمل في اللفظ".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد: "أيهم" متعلق ب "شيعة" فلذلك ارتفع، والمعنى: من الذين تشايعوا أيهم أشد، كأنهم يتبارون إلى هذا.
ويلزمه على هذا أن يقدر مفعولا ل "ننزعن" محذوفا. وقدر بعضهم في قول المبرد: من الذين تعاونوا فنظروا أيهم. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940النحاس: "وهذا قول حسن، وقد حكى
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي تشايعوا بمعنى تعاونوا". قلت: وفي هذه العبارة المنسوبة
nindex.php?page=showalam&ids=15153للمبرد قلق، ولا بين الناقل عنه وجه الرفع على ماذا يكون، وبينه
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء، لكن جعل "أيهم" فاعلا لما تضمنته "شيعة" من معنى الفعل، قال: "التقدير: لننزعن من كل فريق يشيع أيهم، وهي على هذا بمعنى الذي".
ونقل عن الكوفيين أن "أيهم" في الآية بمعنى الشرط. والتقدير: إن اشتد عتوهم، أو لم يشتد، كما تقول: ضربت القوم أيهم غضب، المعنى: إن غضبوا أو لم يغضبوا.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16258طلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=17103ومعاذ بن مسلم الهراء أستاذ
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء وزائدة [ ص: 624 ] عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: "أيهم" نصبا. قلت: فعلى هذه القراءة والتي قبلها: ينبغي أن يكون مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه جواز إعرابها وبنائها، وهو المشهور عند النقلة عنه، وقد نقل عنه أنه يحتم بناءها. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12940النحاس: "ما علمت أحدا من النحويين إلا وقد خطأ
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه". قال: وسمعت
nindex.php?page=showalam&ids=14416أبا إسحاق الزجاج يقول: "ما تبين لي أن
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه غلط في كتابه إلا في موضعين، هذا أحدهما" قال: وقد أعرب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه "أيا" وهي مفردة لأنها مضافة، فكيف يبنيها مضافة؟
وقال
الجرمي: "خرجت من
البصرة فلم أسمع منذ فارقت
الخندق إلى
مكة أحدا يقول: "لأضربن أيهم قائم" بالضم بل ينصب".
و
على الرحمن متعلق ب
"أشد"، و
"عتيا" منصوب على التمييز، وهو محول عن المبتدأ، إذ التقدير: أيهم هو عتوه أشد، ولا بد من محذوف يتم به الكلام، التقدير: فنلقيه في العذاب، أو فنبدأ بعذابه. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "فإن قلت: بم تتعلق على والباء؟ فإن تعلقهما بالمصدرين لا سبيل إليه". قلت: هما للبيان لا للصلة، أو يتعلقان ب "أفعل"، أي: عتوهم أشد على الرحمن، وصليهم أولى بالنار كقولهم: "هو أشد على خصمه، وهو أولى بكذا".
[ ص: 625 ] قلت: يعني ب "على" قوله: "على الرحمن"، وبالباء قوله: "بالذين هم". وقوله: "بالمصدر" يعني بهما "عتيا" و "صليا" وأما كونه لا سبيل إليه فلأن المصدر في نية الموصول، ولا يتقدم معمول الموصول عليه.
وجوز بعضهم أن يكون "عتيا" و "صليا" في هذه الآية مصدرين كما تقدم، وجوز أن يكونا جمع عات وصال فانتصابهما على هذا الحال. وعلى هذا يجوز أن تتعلق على والباء بهما لزوال المحذور المذكور.