آ. (58) قوله :
فلنأتينك : جواب قسم محذوف تقديره: والله لنأتينك. وقوله:
"بسحر" يجوز أن يتعلق بالإتيان، وهذا هو الظاهر، ويجوز أن يتعلق بمحذوف على أنه حال من فاعل الإتيان أي: ملتبسين بسحر.
قوله:
"موعدا" يجوز أن يكون زمانا. ويرجحه قوله:
"موعدكم يوم الزينة" والمعنى: عين لنا وقت اجتماع; ولذلك أجابهم بقوله: "موعدكم يوم الزينة". وضعفوا هذا: بأنه ينبو عنه قوله: "موعدكم يوم"، وبقوله: "لا نخلفه". وأجاب عن قوله:
"لا نخلفه" بأن المعنى: لا نخلف الوقت في الاجتماع. ويجوز أن يكون مكانا. والمعنى: بين لنا مكانا معلوما نعرفه نحن وأنت. . . ويؤيد بقوله:
"مكانا سوى" قال: فهذا يدل على أنه مكان، وهذا ينبو عنه قوله:
"موعدكم يوم الزينة".
ويجوز أن يكون مصدرا، ويؤيد هذا قوله:
"لا نخلفه نحن ولا أنت" [ ص: 55 ] لأن المواعدة توصف بالخلف وعدمه. وإلى هذا نحا جماعة مختارين له. ورد عليهم بقوله: "موعدكم يوم الزينة" فإنه لا يطابقه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: "إن جعلته زمانا نظرا في أن قوله: "موعدكم يوم الزينة" مطابق له لزمك شيئان: أن تجعل الزمان مخلفا، وأن يعضل عليك ناصب "مكانا"، وإن جعلته مكانا لقوله:
"مكانا سوى" لزمك أيضا أن توقع الإخلاف على المكان، وأن لا يطابق قوله "موعدكم يوم الزينة"، وقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن غير مطابقة له زمانا ومكانا جميعا لأنه قرأ "يوم الزينة" بالنصب، فبقي أن يجعل مصدرا بمعنى الوعد، ويقدر مضاف محذوف أي: مكان الوعد، ويجعل ضمير في "نخلفه" للموعد، و "مكانا"، بدل من المكان المحذوف. فإن قلت: فكيف طابقه قوله: "موعدكم يوم الزينة"، ولا بد من أن تجعله زمانا، والسؤال واقع عن المكان لا عن الزمان؟ قلت: هو مطابق معنى، وإن لم يطابقه لفظا; لأنهم لا بد لهم أن يجتمعوا يوم الزينة في مكان بعينه مشتهر باجتماعهم فيه في ذلك الزمان. فبذكر الزمان علم المكان. وأما قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فالموعد فيها مصدر لا غير. والمعنى: إنجاز وعدكم يوم الزينة، وطابق هذا أيضا من طريق المعنى. ويجوز أن لا يقدر مضاف محذوف، ويكون المعنى: اجعل بيننا وبينك وعدا لا نخلفه".
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: "هو هنا مصدر لقوله:
"لا نخلفه نحن ولا أنت". [ ص: 56 ] والجعل هنا بمعنى التصيير. وموعدا مفعول أول والظرف هو الثاني. والجملة من قوله:
"لا نخلفه" صفة لموعدا. و "نحن" توكيد مصحح للعطف على الضمير المرفوع المستتر في "نخلفه" و "مكانا" بدل من المكان المحذوف كما قرره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري. وجوز
nindex.php?page=showalam&ids=12095أبو علي الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء أن ينتصب "مكانا" على المفعول الثاني لـ "اجعل" قال: "وموعدا على هذا مكان أيضا، ولا ينتصب بـ موعد لأنه مصدر قد وصف" يعني أنه يصح نصبه مفعولا ثانيا، ولكن بشرط أن يكون الموعد بمعنى المكان; ليتطابق المبتدأ أو الخبر في الأصل. وقوله: "ولا ينتصب بالمصدر" يعني أنه لا يجوز أن يدعى انتصاب "مكانا" بـ موعد. والمراد بالموعد المصدر وإن كان جائزا من جهة المعنى; لأن الصناعة تأباه وهو وصف المصدر، والمصدر شرط إعماله عدم وصفه قبل العمل عند الجمهور.
وهذا الذي منعه
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي nindex.php?page=showalam&ids=14803وأبو البقاء، جوزه
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري وبدأ به فقال: "فإن قلت: فبم ينتصب مكانا؟ قلت: بالمصدر، أو بما يدل عليه المصدر. فإن قلت: كيف يطابقه الجواب؟ قلت: أما على قراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن فظاهر، وأما على قراءة العامة فعلى تقدير: وعدكم وعد يوم الزينة".
قال الشيخ: "وقوله: إن مكانا ينتصب بالمصدر ليس بجائز; لأنه قد وصف قبل العمل بقوله: "لا نخلفه" وهو موصول، والمصدر إذا وصف قبل
[ ص: 57 ] العمل لم يجز أن يعمل عندهم". قلت: الظروف والمجرورات يتسع فيها ما لم يتسع في غيرها. وفي المسألة خلاف مشهور وأبو القاسم نحا إلى جواز ذلك.
وجعل
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي انتصاب "مكانا" على الظرف، وانتصابه بـ "اجعل". فتحصل في نصب "مكانا" خمسة أوجه، أحدها: أنه بدل من "مكانا" المحذوف. الثاني: أنه مفعول ثان للجعل. الثالث: أنه نصب بإضمار فعل. الرابع: أنه منصوب بنفس المصدر. الخامس: أنه منصوب على الظرف بنفس "اجعل".
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر وشيبة "لا نخلفه" بالجزم على جواب الأمر، والعامة بالرفع على الصفة لموعد، كما تقدم.
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن "سوى" بضم السين منونا وصلا. والباقون بكسرها. فالكسر والضم على أنها صفة بمعنى مكان عدل، إلا أن الصفة على فعل كثيرة نحو: لبد وحطم، وقليلة على فعل. وحكى
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه "لحم زيم" ولم ينون
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن "سوى" أجرى الوصل مجرى الوقف. ولا جائز أن يكون منع صرفه للعدل على فعل كعمر لأن ذلك في الأعلام. وأما فعل في الصفات فمصروفة نحو: حطم ولبد.
[ ص: 58 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16747عيسى بن عمر "سوى" بالكسر من غير تنوين. وهي كقراءة
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن في التأويل.
وسوى معناه "عدلا ونصفة". قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي: "كأنه قال: قربه منكم قربه منا". قال
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش: "سوى" مقصور إن كسرت سينه أو ضممت، وممدود إن فتحتها، ثلاث لغات، ويكون فيها جميعها بمعنى غير، وبمعنى عدل ووسط بين الفريقين. قال الشاعر:
3295 - وإن أبانا كان حل ببلدة سوى بين قيس قيس عيلان والفزر
قال: "وتقول: مررت برجل سواك وسواك وسوائك أي: غيرك ويكون للجميع" وأعلى هذه اللغات الكسر، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12940النحاس. وزعم بعض أهل اللغة والتفسير أن معنى مكانا سوى: مستو من الأرض، لا وعر فيه ولا حزونة.