آ. (72) قوله :
والذي فطرنا : فيه وجهان، أحدهما: أن الواو عاطفة، عطفت هذا الموصول على
"ما جاءنا" أي: لن نؤثرك على الذي جاءنا، ولا على الذي فطرنا. وإنما أخروا ذكر الباري تعالى لأنه من باب الترقي من الأدنى إلى الأعلى. والثاني: أنها واو قسم، والموصول مقسم به. وجواب القسم محذوف أي: وحق الذي فطرنا لا نؤثرك على الحق. ولا يجوز أن يكون الجواب
"لن نؤثرك" عند من يجوز تقديم الجواب; لأنه لا يجاب القسم بـ "لن" إلا في شذوذ من الكلام.
[ ص: 78 ] قوله:
"ما أنت قاض" يجوز في "ما" وجهان، أظهرهما: أنها موصولة بمعنى الذي، و "أنت قاض" صلتها والعائد محذوف، أي: قاضيه. وجاز حذفه، وإن كان مخفوضا، لأنه منصوب المحل. أي: فاقض الذي أنت قاضيه. والثاني: أنها مصدرية ظرفية، والتقدير: فاقض أمرك مدة ما أنت قاض. ذكر ذلك
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء. وقد منع بعضهم ذلك أعني جعلها مصدرية قال: لأن: "ما" المصدرية لا توصل بالجملة الاسمية. وهذا المنع ليس مجمعا عليه، بل جوز ذلك جماعة كثيرة. ونقل
ابن مالك أن ذلك يكثر إذا دلت "ما" على الظرفية. وأنشد:
3305 - واصل خليلك ما التواصل ممكن فلأنت أو هو عن قليل ذاهب
ويقل إن كانت غير ظرفية. وأنشد:
3306 - أحلامكم لسقام الجهل شافية كما دماؤكم تشفي من الكلب
قوله:
"إنما تقضي هذه الحياة" يجوز في "ما" هذه وجهان، أحدهما: أن تكون المهيئة لدخول "إن" على الفعل و "الحياة الدنيا" ظرف لـ "تقضي"، ومفعوله محذوف أي: تقضي غرضك وأمرك. ويجوز أن تكون "الحياة" مفعولا
[ ص: 79 ] به على الاتساع، ويدل لذلك قراءة
أبي حيوة "تقضى هذه الحياة" ببناء الفعل للمفعول ورفع "الحياة" لقيامها مقام الفاعل; وذلك أنه اتسع فيه فقام مقام الفاعل فرفع.
والثاني: أن تكون "ما" مصدرية هي اسم "إن"، والخبر الظرف. والتقدير: إن قضاءك في هذه الحياة الدنيا، يعني: إن لك الدنيا فقط، ولنا الآخرة.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: "فإن كان قد قرئ بالرفع فهو خبر إن". يعني لو قرئ برفع "الحياة" لكان خبرا لـ "إن" ويكون اسمها حينئذ "ما"، وهي موصولة بمعنى الذي، وعائدها محذوف تقديره: إن الذي تقضيه هذه الحياة لا غيرها.