آ. (278) قوله تعالى:
وذروا : فتحت العين من "ذر" حملا على "دع" إذ هو بمعناه، وفتحت في "دع" لأنه أمر من "يدع" وفتحت من "يدع" وإن كان قياسها الكسر لكون الفاء واوا كيعد لكون لامه حرف حلق.
[ ص: 637 ] ووزن "ذروا": علوا لأن المحذوف الفاء لا يستعمل منه ماض إلا في لغية، وكذلك "دع".
وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن: "ما بقا" بقلب الكسرة فتحة والياء ألفا، وهي لغة لطيء ولغيرهم، ومنه قول
علقمة التميمي: 1108 - زها الشوق حتى ظل إنسان عينه يفيض بمغمور من الدمع متأق
وقال الآخر:
1109 - وما الدنيا بباقاة علينا وما حي على الدنيا بباق
ويقولون في الناصية: ناصاة. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أيضا: "بقي" بتسكين الياء، قال
nindex.php?page=showalam&ids=15153المبرد: "تسكين ياء المنقوص في النصب من أحسن الضرورة، هذا مع أنه معرب فهو في الفعل الماضي أحسن" قلت: وإذا كانوا قد حذفوها من الماضي صحيح الآخر فأولى من حرف العلة، قال:
1110 - إنما شعري قيد قد خلط بجلجلان
وقال
جرير في تسكين الياء:
1111 - هو الخليفة فارضوا ما رضي لكم ماضي العزيمة ما في حكمه جنف
[ ص: 638 ] وقال آخر:
1112 - لعمرك لا أخشى التصعلك ما بقي على الأرض قيسي يسوق الأباعرا
قوله:
"من الربا" متعلق ببقي كقولهم: "بقيت منه بقية"، والذي يظهر أنه متعلق بمحذوف على أنه حال من فاعل "بقي"، أي: الذي بقي حال كونه بعض الربا، فهي تبعيضية.
ونقل
nindex.php?page=showalam&ids=13366ابن عطية هنا أن العدوي - وهو
أبو السمال - قرأ "من الربو" بتشديد الراء مكسورة، وضم الباء بعدها واو. قلت: قد قدمت أن
أبا السمال إنما قرأ "الربا" في أول الآية بواو بعد فتحة الباء، وأن
أبا زيد حكى عن بعضهم أنه ضم الباء، وقدمت تخريجهما على ضعفه.
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني: "شذ هذا الحرف في أمرين، أحدهما: الخروج من الكسر إلى الضم بناء لازما، والآخر: وقوع الواو بعد الضمة في آخر الاسم، وهذا شيء لم يأت إلا في الفعل نحو: يغزو ويدعو، وأما "ذو" الطائية بمعنى الذي فشاذة جدا، ومنهم من يغير واوها إذا فارق الرفع، فيقول: "رأيت ذا قام"، ووجه القراءة أنه لما فخم الألف انتحى بها الواو التي الألف بدل منها، على حد قولهم: الصلاة والزكاة، وهي بالجملة قراءة شاذة". قلت: غيره يقيد العبارة فيقول: "ليس في الأسماء المعربة واو قبلها ضمة" حتى يخرج عنه "ذو" بمعنى الذي و "هو" من الضمائر، وابن جني لم يذكر القيد استثنى "ذو الطائية" ويرد عليه نحو "هو"، ويرد على العبارة "ذو" بمعنى صاحب فإنها معربة آخرها واو بعد ضمة. وقد أجيب عنه بأنها تتغير إلى
[ ص: 639 ] الألف والياء فلم يبال بها، وأيضا فإن ضمة الدال عارضة، إذ أصلها الفتح، وإنما ضمت إتباعا على ما قررته في إعراب الأسماء الستة في كتب النحو. وقوله: "بناء لازما" تحرز من وجود الخروج من كسر إلى ضم بطريق العرض نحو: الحبك فإنه من التداخل، ونحو: "الردء" موقوفا عليه، فالخروج من كسر إلى ضم في هاتين الكلمتين ليس بلازم. وقوله: "منهم من يغير واوها" المشهور بناؤها على الواو مطلقا، وقد تعرب كالتي بمعنى صاحب وأنشدوا:
1113 - فإما كرام موسرون لقيتهم فحسبي من ذي عندهم ما كفانيا
ويروى: "من ذو" على الأصل.
قوله:
"إن كنتم" شرط وجوابه محذوف عند الجمهور أي: فاتقوا وذروا، ومتقدم عند جماعة. وقيل: "إن" هنا بمعنى إذ، وهذا مردود مرغوب عنه. وقيل: يراد بهذا الشرط هنا الاستدامة.