آ . (8) قوله تعالى :
لا تزغ قلوبنا : العامة على ضم حرف المضارعة من : أزاغ يزيغ . و "قلوبنا " مفعول به . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11948أبو بكر وابن فايد والجراح "لا تزغ قلوبنا " بفتح التاء ورفع "قلوبنا " ، وقرأه بعضهم كذلك إلا أنه بالياء من تحت ، وعلى القراءتين فالقلوب فاعل بالفعل المنهي عنه ،
[ ص: 30 ] والتذكير والتأنيث باعتبار تأنيث الجمع وتذكيره ، والنهي في اللفظ للقلوب ، وفي المعنى دعاء لله تعالى ، أي : لا تزغ قلوبنا فتزيغ ، فهو من باب "لا أرينك ها هنا " وقول
nindex.php?page=showalam&ids=8572النابغة :
1169 - لا أعرفن ربربا حورا مدامعها ... ... ... ...
قوله :
بعد إذ هديتنا "بعد " منصوب بـ "لا تزغ " و "إذ " هنا خرجت عن الظرفية للإضافة إليها ، وقد تقدم أن تصرفها قليل ، وإذا خرجت عن الظرفية فلا يتغير حكمها من لزوم إضافتها إلى الجملة بعدها كما لم يتغير غيرها من الظروف في هذا الحكم ، ألا ترى إلى قوله :
هذا يوم ينفع و
يوم لا تملك في قراءة من رفع "يوم " في الموضعين ، وقول الآخر :
1170 - ... ... ... ... على حين الكرام قليل
[وقوله ] :
[ ص: 31 ] 1171 - على حين من تلبث عليه ذنوبه ... ... ... ...
[وقوله ] :
1172 - على حين عاتبت المشيب على الصبا ... ... ... ...
[وقوله ] :
1173 - ألا ليت أيام الصفاء جديد ... ... ... ...
كيف خرجت هذه الظروف من النصب إلى الرفع والجر والنصب بـ "ليت " ومع ذلك هي مضافة للجمل التي بعدها .
قوله :
وهب الهبة : العطية ، حذفت فاؤها لما تقدم في "عدة " ونحوها ، كان حق عين المضارع فيها كسر العين منه ، إلا أن ذلك منعه كون العين حرف حلق ، فالكسرة مقدرة . فلذلك اعتبرت تلك الكسرة المقدرة ، فحذفت لها الواو ، وهذا نحو : يضع ويسع لكون اللام حرف حلق . ويكون "هب " فعل أمر بمعنى ظن ، فيتعدى لمفعولين كقوله :
1174 - ... ... ... ... وإلا فهبني امرأ هالكا
[ ص: 32 ] وحينئذ لا تتصرف . ويقال أيضا : "وهبني الله فداك " أي : جعلني ، ولا تتصرف أيضا عن الماضي بهذا المعنى .
قوله :
من لدنك متعلق بـ "هب " ، ولدن : ظرف وهي لأول غاية زمان أو مكان أو غيرهما من الذوات نحو : من لدن زيد ، فليست مرادفة لـ "عند " بل قد تكون بمعناها ، وبعضهم يقيدها بظرف المكان ، وتضاف لصريح الزمان ، قال :
1175 - تنتهض الرعدة في ظهيري من لدن الظهر إلى العصير
ولا تقطع عن الإضافة بحال ، وأكثر ما تضاف إلى المفردات ، وقد تضاف إلى "أن " وصلتها لأنهما بتأويل مفرد قال :
1176 - وليت فلم تقطع لدن أن وليتنا قرابة ذي قربى ولا حق مسلم
أي : لدن ولايتك إيانا ، وقد تضاف إلى الجملة الاسمية كقوله :
1177 - تذكر نعماه لدن أنت يافع إلى أنت ذو فودين أبيض كالنسر
وقد تضاف للفعلية كقوله :
1178 - لزمنا لدن سالمتمونا وفاقكم فلا يك منكم للخلاف جنوح
وقال آخر :
1179 - صريع غوان راقهن ورقنه لدن شب حتى شاب سود الذوائب
[ ص: 33 ] وفيها لغتان : الإعراب وهي لغة قيس . وبها قرأ
أبو بكر عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : "من لدنه " بجر النون ، وقوله :
1180 - من لدن الظهر إلى العصير ... ... ... ...
ولا تخلو من "من " غالبا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13042ابن جني . ومن غير الغالب ما تقدم من قوله "لدن أنت يافع " "لدن سالمتمونا " . وإن وقع بعدها لفظ "غدوة " خاصة جاز نصبها ورفعها ، فالنصب على خبر كان أو التمييز ، والرفع على إضمار "كان " التامة ، ولولا هذا التقدير لزم إفراد "لدن " عن الإضافة ، وقد تقدم أنه لا يجوز ، فمن نصب "غدوة " قوله :
1181 - وما زال مهري مزجر الكلب منهم لدن غدوة حتى دنت لغروب
واللغة المشهورة بناؤها ، وسببه شبهها بالحرف في لزوم استعمال واحد ، وامتناع الإخبار بها بخلاف عند ولدى ، فإنهما لا يلزمان استعمالا واحدا ، إذ يكونان فضلة وعمدة وغاية وغير غاية بخلاف "لدن " . وقال بعضهم : "علة بنائها كونها دالة على الملاصقة صفة ومختصة بها بخلاف " عند "فإنها لا تدل على الملاصقة ، فصار فيها معنى لا يدل عليه الظرف ، بل هو من قبيل ما يدل عليه الحرف ، فكأنها مضمنة معنى حرف ، كان من حقه أن يوضع لذلك فلم يوضع ، كما قالوا في اسم الإشارة .
واللغتان المذكورتان من الإعراب والبناء مختصتان بـ " لدن "المفتوحة اللام المضمومة الدال ، الواقع آخرها نون ، وأما بقية لغاتها على ما سنذكره
[ ص: 34 ] فإنها مبنية عند جميع
العرب . وفيها عشر لغات : الأولى وهي المشهورة ، ولدن ولدن بفتح الدال وكسرها ، ولدن ولدن بفتح اللام ، وضمها مع سكون الدال وكسر النون ، ولدن بالضم والسكون وفتح النون ، ولد ولد بفتح اللام وضمها مع سكون الدال ، ولد بفتح اللام وضم الدال ، ولت بإبدال الدال تاء ساكنة ، ومتى أضيفت المحذوفة النون إلى ضمير وجب رد النون .
قوله :
أنت الوهاب يحتمل أن تكون مبتدأ وأن تكون ضمير الفصل وأن تكون تأكيدا لاسم " إن " .