آ . (65) قوله :
رءوس الشياطين : فيه وجهان ، أحدهما :
[ ص: 315 ] أنه حقيقة ، وأن رؤوس الشياطين شجر بعينه بناحية اليمن يسمى " الأستن " وقد ذكره النابغة :
3812 - تحيد عن أستن سود أسافلها مثل الإماء الغوادي تحمل الحزما
وهو شجر مر منكر الصورة ، سمته العرب بذلك تشبيها برؤوس الشياطين في القبح ثم صار أصلا يشبه به . وقيل : الشياطين صنف من الحيات ، ولهن أعراف . قال :
3813 - عجيز تحلف حين أحلف كمثل شيطان الحماط أعرف
وقيل : وهو شجر يقال له الصوم ، ومنه قول
ساعدة بن جؤية :
3814 - موكل بشدوف الصوم يرقبها من المغارب مخطوف الحشا زرم
فعلى هذا قد خوطب العرب بما تعرفه ، وهذه الشجرة موجودة فالكلام حقيقة .
[ ص: 316 ] والثاني : أنه من باب التخييل والتمثيل . وذلك أن كل ما يستنكر ويستقبح في الطباع والصورة يشبه بما يتخيله الوهم ، وإن لم يره . والشياطين وإن كانوا موجودين غير مرئيين للعرب ، إلا أنه خاطبهم بما ألفوه من الاستعارات التخييلية ، كقوله :
3815 - ... ... ... ... ومسنونة زرق كأنياب أغوال
ولم ير أنيابها ، بل ليست موجودة البتة .