آ . (6) قوله :
ثم جعل منها : في " ثم " هذه أوجه ، أحدها : أنها على بابها من الترتيب بمهلة ، وذلك أنه يروى أنه تعالى أخرجنا من ظهر آدم كالذر ثم خلق حواء بعد ذلك بزمان . الثاني : أنها على بابها أيضا ولكن لمدرك آخر : وهو أن يعطف بها ما بعدها على ما فهم من الصفة في قوله : "
واحدة " إذ التقدير : من نفس وحدت أي انفردت ثم جعل منها زوجها . الثالث : أنها
[ ص: 410 ] للترتيب في الأخبار لا في الزمان الوجودي كأنه قيل : كان من أمرها قبل ذلك أن جعل منها زوجها . الرابع : أنها للترتيب في الأحوال والرتب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : " فإن قلت : وما وجه قوله :
ثم جعل منها زوجها وما يعطيه من التراخي ؟ قلت : هما آيتان من جملة الآيات التي عددها دالا على وحدانيته وقدرته بتشعيب هذا الخلق الفائت للحصر من نفس
آدم عليه السلام وخلق
حواء من قصيراه ، إلا أن إحداهما جعلها الله عادة مستمرة ، والأخرى لم تجر بها العادة ولم تخلق أنثى غير
حواء من قصيرى رجل ، فكانت أدخل في كونها آية وأجلب لعجب السامع ، فعطفها بـ " ثم " على الآية الأولى للدلالة على مباينتها فضلا ومزية ، وتراخيها عنها فيما يرجع إلى زيادة كونها آية فهي من التراخي في الحال والمنزلة لا من التراخي في الوجود .
قوله :
وأنزل لكم من الأنعام عطف على "
خلقكم " ، والإنزال يحتمل الحقيقة . يروى أنه خلقها في الجنة ثم أنزلها ، ويحتمل المجاز ، وله وجهان ، أحدهما : أنها لم تعش إلا بالنبات والماء ، والنبات إنما يعيش بالماء ، والماء ينزل من السحاب أطلق الإنزال عليها وهو في الحقيقة يطلق على سبب السبب كقوله :
3885 - أسنمة الآبال في ربابه وقوله :
3886 - صار الثريد في رؤوس العيدان
[ ص: 411 ] وقوله :
3887 - إذا نزل السماء بأرض قوم رعيناه وإن كانوا غضابا
والثاني : أن قضاياه وأحكامه منزلة من السماء من حيث كتبها في اللوح المحفوظ ، وهو أيضا سبب في إيجادها .
قوله : "
يخلقكم " هذه الجملة استئنافية ، ولا حاجة إلى جعلها خبر مبتدأ مضمر ، بل استؤنفت للإخبار بجملة فعلية . وقد تقدم خلاف القراء في كسر الهمزة وفتحها وكذا الميم .
قوله : "
خلقا " مصدر لـ " يخلق " و
من بعد خلق صفة له ، فهو لبيان النوع من حيث إنه لما وصف زاد معناه على معنى عامله . ويجوز أن يتعلق
من بعد خلق بالفعل قبله ، فيكون "
خلقا " لمجرد التوكيد .
قوله : "
ظلمات " متعلق بخلق الذي قبله ، ولا يجوز تعلقه بـ "
خلقا " المنصوب ; لأنه مصدر مؤكد ، وإن كان
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء جوزه ، ثم منعه بما ذكرت فإنه قال : " و " في " متعلق به أي بـ "
خلقا " أو بخلق الثاني ; لأن الأول مؤكد فلا يعمل " ولا يجوز تعلقه بالفعل قبله ; لأنه قد تعلق به حرف مثله ، ولا يتعلق حرفان متحدان لفظا ومعنى إلا بالبدلية أو العطف .
فإن جعلت "
في ظلمات " بدلا من
في بطون أمهاتكم بدل اشتمال ; لأن البطون مشتملة عليها ، وتكون بدلا بإعادة العامل ، جاز ذلك ، أعني تعلق الجارين بـ "
يخلقكم " . ولا يضر الفصل بين البدل والمبدل منه بالمصدر لأنه من تتمة العامل فليس بأجنبي .
[ ص: 412 ] قوله :
ذلكم الله ربكم يجوز أن يكون " الله " خبرا لـ " ذلكم " و " ربكم " نعت لله أو بدل منه . ويجوز أن يكون " الله " بدلا من " ذلكم " و " ربكم " خبره .
قوله : "
له الملك " يجوز أن يكون مستأنفا ، ويجوز أن يكون خبرا بعد خبر ، وأن يكون " الله " بدلا من " ذلكم " و " ربكم " نعت لله أو بدل منه ، والخبر الجملة من "
له الملك " . ويجوز أن يكون الخبر نفس الجار والمجرور وحده و " الملك " فاعل به ، فهو من باب الإخبار بالمفرد .
قوله :
لا إله إلا هو يجوز أن يكون مستأنفا ، وأن يكون خبرا بعد خبر .