آ . (64) قوله :
أفغير الله تأمروني أعبد : فيه ثلاثة أوجه ، أحدها : - وهو الظاهر - أن " غير " منصوب بـ " أعبد " . و " أعبد " معمول لـ "
تأمروني " على إضمار " أن " المصدرية ، فلما حذفت بطل عملها وهو أحد
[ ص: 440 ] الوجهين . والأصل : أفتأمروني بأن أعبد غير الله ، ثم قدم مفعول " أعبد " على "
تأمروني " العامل في عامله . وقد ضعف بعضهم هذا : بأنه يلزم منه تقديم معمول الصلة على الموصول ; وذلك أن " غير " منصوب بـ " أعبد " ، و " أعبد " صلة لـ " أن " وهو لا يجوز . وهذا الرد ليس بشيء ; لأن الموصول لما حذف لم يراع حكمه فيما ذكر ، بل إنما يراعى معناه لتصحيح الكلام . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : " لو حكمنا بذلك لأفضى إلى حذف الموصول وإبقاء صلته ، وذلك لا يجوز إلا في ضرورة شعر . وهذا الذي ذكره فيه نظر ; من حيث إن هذا مختص بـ " أن " دون سائر الموصولات ، وهو أنها تحذف وتبقى صلتها ، وهو منقاس عند البصريين في مواضع تحذف ويبقى عملها ، وفي غيرها إذا حذفت لا يبقى عملها إلا في ضرورة ، أو قليل ، وينشد بالوجهين :
3904 - ألا أيهذا الزاجري أحضر الوغى وأن أشهد اللذات هل أنت مخلدي
ويدل على إرادة " أن " في الأصل قراءة بعضهم " أعبد " بنصب الفعل اعتدادا بأن . الثاني : أن " غير " منصوب بـ "
تأمروني " و " أعبد " بدل منه بدل اشتمال ، و " أن " مضمرة معه أيضا . والتقدير : أفغير الله تأمروني عبادته . والمعنى : أفتأمروني بعبادة غير الله . وقدره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : تعبدوني وتقولون لي : اعبده . والأصل : تأمرونني أن أعبد ، فحذف " أن " ورفع الفعل . ألا ترى
[ ص: 441 ] أنك تقول : أفغير الله تقولون لي اعبده ، وأفغير الله تقولون لي : اعبد ، فكذلك أفغير الله تقولون لي أن أعبده ، وأفغير الله تأمروني أن أعبد . والدليل على صحة هذا الوجه قراءة من قرأ " أعبد " بالنصب .
وأما "
أعبد " ففيه ثلاثة أوجه ، أحدها : أنه مع " أن " المضمرة في محل نصب على البدل من " غير " وقد تقدم . الثاني : أنه في محل نصب على الحال . الثالث : أنه لا محل له البتة .
قوله : "
تأمروني " بإدغام نون الرفع في نون الوقاية وفتح الياء
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، وأرسلها الباقون . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع " تأمروني " بنون خفيفة وفتح الياء .
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر " تأمرونني " بالفك وسكون الياء . وقد تقدم في سورة الأنعام والحجر وغيرهما : أنه متى اجتمع نون الرفع مع نون الوقاية جاز ثلاثة أوجه ، وتقدم تحقيق الخلاف في أيتهما المحذوفة ؟