صفحة جزء
آ . (50) قوله : ذكرانا وإناثا : حال ، وهي حال لازمة ، وسوغ مجيئها كذلك : أنها بعدما يجوز أن يكون الأمر على خلافه ; لأن معنى " يزوجهم " يقرنهم . قال الزمخشري : " فإن قلت : لم قدم الإناث أولا على الذكور مع تقديمهم عليهن ، ثم رجع فقدمهم ؟ ولم عرف الذكور بعدما نكر الإناث ؟ قلت : لأنه ذكر البلاء في آخر الآية الأولى ، وكفران الإنسان بنسيانه الرحمة السابقة ، ثم عقب بذكر ملكه ومشيئته وذكر قسمة الأولاد فقدم الإناث ; لأن سياق الكلام أنه فاعل ما يشاء لا ما يشاؤه الإنسان ، فكان ذكر الإناث التي من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم ، والأهم واجب التقديم ، وليلي الجنس الذي كانت العرب تعده بلاء ، ذكر البلاء ، وأخر الذكور ، فلما أخرهم تدارك تأخيرهم وهم أحقاء بالتقديم بتعريفهم ; لأن تعريفهم فيه تنويه وتشهير ، كأنه قال : ويهب لمن يشاء الفرسان الأعلام المذكورين الذين لا يخفون عليكم ، ثم أعطى بعد ذلك كلا الجنسين حقه من التقديم والتأخير ، وعرف أن تقديمهن لم يكن لتقدمهن ولكن لمقتض آخر ، فقال : ذكرانا وإناثا ، كما قال : إنا خلقناكم من ذكر وأنثى ، فجعل منه الزوجين الذكر والأنثى .

[ ص: 566 ]

التالي السابق


الخدمات العلمية