صفحة جزء
[ ص: 159 ] آ. (12) قوله: والحب ذو العصف والريحان : قرأ ابن عامر بنصب الثلاثة. وفيه ثلاثة أوجه: النصب على الاختصاص، أي: وأخص الحب، قاله الزمخشري . وفيه نظر; لأنه لم يدخل في مسمى الفاكهة والنخل حتى يخصه من بينها، وإنما أراد إضمار فعل وهو أخص، فليس هو الاختصاص الصناعي. الثاني: أنه معطوف على الأرض. قال مكي: "لأن قوله "والأرض وضعها"، أي: خلقها، فعطف "الحب" على ذلك". الثالث: أنه منصوب بـ "خلق" مضمرا، أي: وخلق الحب. قال مكي: "أو وخلق الحب" وقرأ به موافقة لرسم مصاحف بلده، فإن مصاحف الشام "ذا" بالألف. وجوزوا في "الريحان" أن يكون على حذف مضاف، أي: وذا الريحان فحذف المضاف، وأقيم المضاف إليه مقامه كـ واسأل القرية .

وقرأ الأخوان برفع الأولين وجر "الريحان" عطفا على "العصف"، وهي تؤيد قول من حذف المضاف في قراءة ابن عامر. والباقون برفع الثلاثة عطفا على فاكهة، أي: وفيها أيضا هذه الأشياء. ذكر أولا ما يتلذذون به من الفواكه، وثانيا الشيء الجامع بين التلذذ والتغذي وهو ثمر النخل، وثالثا ما يتغذى به فقط، وهو أعظمها، لأنه قوت غالب [ ص: 160 ] الناس. ويجوز في الريحان على هذه القراءة أن يكون معطوفا على ما قبله، أي: وفيها الريحان أيضا، وأن يكون مجرورا بالإضافة في الأصل، أي: وذو الريحان ففعل به ما تقدم.

والعصف: ورق الزرع. وقيل: التبن. وأصله كما قال الراغب : من "العصف والعصيفة وهو ما يعصف، أي: يقطع من الزرع"، وقيل: هو حطام النبات. والريح العاصف: التي تكسر ما تمر عليه وقد مر ذلك. والريحان في الأصل: مصدر ثم أطلق على الرزق كقولهم: "سبحان الله وريحانه"، أي: استرزاقه وقيل: الريحان هنا هو المشموم.

وفي الريحان قولان، أحدهما: أنه على فعلان كالليان من ذوات الواو. والأصل: روحان. قال أبو علي: فأبدلت الواو ياء، كما أبدلوا الياء واوا في "أشاوى". والثاني: أن يكون أصله ريوحان، على وزن فيعلان، فأبدلت الواو ياء، وأدغمت فيها الياء، ثم خفف بحذف عين الكلمة كما قالوا: كينونة وبينونة. والأصل تشديد الياء فخففت كما خفف هين وميت. قال مكي: "ولزم تخفيفه لطوله بلحاق الزيادتين". ثم رد قول الفارسي بأنه لا موجب لقلبها ياء ثم قال: "وقال بعض الناس" فذكر ما قدمته عن أبي علي إلى آخره.

التالي السابق


الخدمات العلمية