صفحة جزء
[ ص: 473 ] آ . (165) قوله تعالى : أولما أصابتكم : الهمزة للإنكار ، وجعلها ابن عطية للتقرير ، والواو عاطفة ، والنية بها التقديم على الهمزة على ما تقرر . وقال الزمخشري : "و " "لما " نصب بقلتم ، و "أصابتكم " في محل الجر بإضافة "لما " إليه ، وتقديره ، "قلتم حين أصابتكم " و "أنى " هذا نصب لأنه مقول والهمزة للتقريع والتقرير . فإن قلت : علام عطفت الواو هذه الجملة ؟ قلت : على ما مضى من قصة أحد من قوله : ولقد صدقكم الله وعده ، ويجوز أن تكون معطوفة على محذوف تقديره : أفعلتم كذا وقلتم حينئذ كذا "انتهى .

أما جعله " لما "بمعنى " حين "أي ظرفا فهو مذهب الفارسي ، وقد تقدم تقرير المذهبين ، وأما قوله : " عطف على قصة أحد " ؛ فهذا غير مذهبه ؛ لأن الجاري من مذهبه إنما هو تقدير جملة يعطف ما بعد الواو عليها أو الفاء أو ثم كما قرره هو في الوجه الثاني .

و " أنى هذا "أنى : بمعنى " من أين "كما تقدم في قوله أنى لك هذا . ويدل عليه قوله : من عند أنفسكم و " من عند الله " قاله الزمخشري . ورد عليه الشيخ بأن الظرف إذا وقع خبرا لا يقدر داخلا عليه حرف جر غير " في " ، " أما أن يقدر داخلا عليه "من " فلا ، لأنه إنما انتصب على إسقاط "في " ولذلك إذا أضمر الظرف تعدى إليه [الفعل ] بـ "في " إلا أن يتسع فيه . قال : "فتقديره غير سائغ واستدلاله بقوله : من عند أنفسكم " من [ ص: 474 ] عند الله " وقوف مع مطابقة السؤال للجواب في اللفظ وذهول عن هذه القاعدة " . واختار الشيخ أن "أنى " بمعنى "كيف " قال : "وأنى سؤال عن الحال هنا ، ولا تناسب أن تكون بمعنى " أين "أو " متى " ؛ لأن الاستفهام لم يقع عن مكان ولا زمان هنا ، إنما وقع عن الحال التي اقتضت لهم ذلك ، سألوا عنها على سبيل التعجب ، وجاء الجواب من حيث المعنى لا من حيث اللفظ في قوله : قل هو من عند أنفسكم . قال : " والسؤال " بـ " أنى "سؤال عن تعيين كيفية حصول هذا الأمر ، والجواب بقوله : من عند أنفسكم يضمن تعيين الكيفية ، لأنه بتعيين السبب تتعين الكيفية من حيث المعنى ، لو قيل على سبيل التعجب : كيف لا يحج زيد الصالح!! فقيل في جوابه : " لعدم استطاعته "لحصل الجواب وانتظم من المعنى أنه لا يحج وهو غير مستطيع " انتهى . أما قوله : "لا يقدر الظرف بحرف جر غير " في " فالزمخشري لم يقدر " في "مع " أنى "حتى يلزمه ما قال ، إنما جعل " أنى "بمنزلة " من أين "في المعنى . وأما عدوله عن الجواب المطابق لفظا فالعكس أولى .

وقوله : قد أصبتم في محل رفع صفة لـ " مصيبة " . و " قلتم "على مذهب سيبويه جواب لـ " لما " ، وعلى مذهب الفارسي ناصب لها ، على حسب ما تقدم من مذهبيهما . والضمير في قوله " قل "هو راجع على المصيبة من حيث المعنى . ويجوز أن يكون على حذف مضاف مراعى أي : سببها ، وكذلك الإشارة بقوله : " أنى هذا "لأن المراد المصيبة .

التالي السابق


الخدمات العلمية