آ. (5) قوله :
بأن ربك : متعلق بـ "تحدث"، أي: تحدث. ويجوز أن يتعلق بنفس "أخبارها" وقيل: الباء زائدة، وأن وما في حيزها بدل من "أخبارها" وقيل: الباء سببية، أي: بسبب إيحاء الله تعالى إليها. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "فإن قلت: أين مفعولا
[ ص: 75 ] "تحدث" ؟ قلت: حذف أولهما، والثاني:" أخبارها "، وأصله: تحدث الخلق أخبارها. إلا أن المقصود ذكر تحديثها الأخبار لا ذكر الخلق تعظيما لليوم. فإن قلت: بم تعلقت الباء في قوله" بأن ربك "؟ قلت: بتحدث; لأن معناه: تحدث أخبارها بسبب إيحاء ربك. ويجوز أن يكون المعنى: تحدث ربك بتحديث أن ربك أوحى لها أخبارها، على أن تحديثها بأن ربك أوحى لها تحديث بأخبارها، كما تقول: نصحتني كل نصيحة بأن نصحتني في الدين" قال الشيخ: "وهو كلام فيه عفش ينزه القرآن عنه" . قلت: وأي عفش فيه مع صحته وفصاحته؟ ولكن لما طال تقديره من جهة إفادته هذا المعنى الحسن جعله عفشا وحاشاه.
ثم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري : "ويجوز أن يكون "بأن ربك" بدلا من "أخبارها" كأنه قيل: يومئذ تحدث بأخبارها بأن ربك أوحى لها; لأنك تقول: حدثته كذا، وحدثته بكذا". قال الشيخ: "وإذا كان الفعل يتعدى تارة بحرف جر، وتارة يتعدى بنفسه، وحرف الجر ليس بزائد، فلا يجوز في تابعه إلا الموافقة في الإعراب فلا يجوز: "استغفرت الذنب العظيم" بنصب "الذنب" وجر "العظيم"، لجواز أنك تقول "من الذنب"، ولا "اخترت زيدا الرجال الكرام" بنصب "الرجال" وخفض "الكرام"، وكذلك لا يجوز أن تقول:" استغفرت من الذنب العظيم بنصب "العظيم" وكذلك في "اخترت" فلو كان حرف الجر زائدا جاز الإتباع
[ ص: 76 ] على موضع الاسم بشروطه المحررة في علم النحو تقول: "ما رأيت من رجل عاقلا" لأن "من" زائدة، و "من رجل عاقل" على اللفظ، ولا يجوز نصب "رجل" وجر "عاقل" على جواز مراعاة دخول "من" ، وإن ورد شيء من ذلك فبابه الشعر". انتهى. ولا أدري كيف يلزم
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري ما ألزمه به من جميع المسائل التي ذكرها، فإن
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري يقول: إن هذا بدل مما قبله، ثم ذكر مسوغ دخول الباء في البدل: وهو أن المبدل منه يجوز دخول الباء عليه، فلو حل البدل محل المبدل منه ومعه الباء، لكان جائزا; لأن العامل يتعدى به، وذكر مسوغا لخلو المبدل منه من الباء فقال: "لأنك تقول: حدثته كذا وحدثته بكذا". وأما كونه يمتنع أن تقول: "استغفرت الذنب العظيم" بنصب "الذنب" وجر "العظيم" إلى آخره، فليس في كلام
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري شيء منه البتة. ونظير ما قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري في باب "استغفر" أن تقول "استغفرت الله ذنبا من شتمي زيدا" فقولك: "من شتمي" بدل من "الذنب"، وهذا جائز لا محالة.
قوله:
أوحى لها في هذه اللام أوجه، أحدها: أنها بمعنى إلى، وإنما أوثرت على "إلى" لموافقة الفواصل. وقال العجاج في وصف الأرض:
4614 - أوحى لها القرار فاستقرت وشدها بالراسيات الثبت
الثاني: أنها على أصلها، و "أوحى" يتعدى باللام تارة وب "إلى" أخرى، ومنه البيت المتقدم. الثالث: أن اللام على بابها من العلة،
[ ص: 77 ] والموحى إليه محذوف، وهو الملائكة، تقديره: أوحى إلى الملائكة لأجل الأرض، أي: لأجل ما يفعلون فيها.