آ. (143) قوله تعالى:
ثمانية أزواج : في نصبه ستة أوجه، أحسنها: أن يكون بدلا من
"حمولة وفرشا" لولا ما نقله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج من الإجماع المتقدم، ولكن ليس فيه أن ذلك محصور في الإبل، والقول بالبدل هو قول
[ ص: 192 ] nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء. والثاني: أنه منصوب بـ
"كلوا" الذي قبله أي: كلوا ثمانية أزواج، ويكون قوله
"ولا تتبعوا" إلى آخره كالمعترض بين الفعل ومنصوبه وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=13676علي بن سليمان وقدره: كلوا لحم ثمانية. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: "هو منصوب بـ
"كلوا" تقديره: كلوا مما رزقكم الله ثمانية أزواج، ولا تسرفوا معترض بينهما". قلت: صوابه أن يقول: "ولا تتبعوا" بدل "ولا تسرفوا" لأن "كلوا" الذي يليه "ولا تسرفوا" ليس منصبا على هذا لأنه بعيد منه، ولأن بعده ما هو أولى منه بالعمل، ويحتمل أن يكون الناسخ غلط عليه، وإنما قال هو "ولا تتبعوا" ويدل على ذلك أنه قال: "تقديره: كلوا مما رزقكم الله"، وكلوا الأول ليس بعده "مما رزقكم" إنما هو بعد الثاني. الثالث: أنه عطف على "جنات" أي: أنشأ جنات وأنشأ ثمانية أزواج، ثم حذف الفعل وحرف العطف وهو مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي. قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء: "وهو ضعيف" قلت: الأمر كذلك، وقد سمع ذلك في كلامهم نثرا ونظما، ففي النثر قولهم: "أكلت لحما سمكا تمرا" وفي نظمهم قول الشاعر:
2102 - كيف أصبحت كيف أمسيت مما يزرع الود في فؤاد الكريم
أي: أكلت لحما وسمكا وتمرا، وكيف أصبحت وكيف أمسيت، وهذا على أحد القولين في ذلك. والقول الثاني أنه بدل بداء. ومنه الحديث:
nindex.php?page=hadith&LINKID=672598 "إن الرجل ليصلي الصلاة، وما كتب له نصفها ثلثها ربعها إلى أن وصل إلى [ ص: 193 ] العشر". الرابع: أنه منصوب بفعل محذوف مدلول عليه بما في اللفظ تقديره: كلوا ثمانية أزواج، وهذا أضعف مما قبله. الخامس: أنه منصوب على الحال، تقديره: مختلفة أو متعددة، وصاحب الحال "الأنعام" فالعامل في الحال ما تعلق به الجار وهو "من" . السادس: أنه منصوب على البدل من محل
"مما رزقكم الله" .
قوله:
من الضأن اثنين في نصب "اثنين" وجهان أحدهما: أنه بدل من
"ثمانية أزواج" وهو ظاهر قول
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري فإنه قال: والدليل عليه "ثمانية أزواج" ثم فسرها بقوله:
"من الضأن اثنين" الآية. وبه صرح
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء فقال:"واثنين بدل من الثمانية وقد عطف عليه بقية الثمانية".
والثاني: أنه منصوب بأنشأ مقدرا، وهو قول
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي، و "من" تتعلق بما نصب "اثنين".
والجمهور على تسكين همزة "الضأن" وهو جمع ضائن وضائنة كتاجر وتاجرة وتجر، وصاحب وصاحبة وصحب، وراكب وراكبة وركب. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة بن مصرف nindex.php?page=showalam&ids=16747وعيسى بن عمر "الضأن" بفتحها، وهو إما جمع تكسير لضائن كما يقال خادم وخدم وحارس وحرس وطالب وطلب، وإما اسم جمع. ويجمع على ضئين كما يقال: كلب وكليب، قال:
2103 - . . . . . . . . . . . . . . . . . . فبذت نبلهم وكليب
وقيل: الضئين والكليب اسما جمع، ويقال ضئين بكسر الضاد، وكأنها إتباع لكسر الهمزة نحو: بعير وشعير بكسر الباء والشين لكسر العين. والضأن
[ ص: 194 ] معروف وهو ذو الصوف من الغنم، والمعز ذو الشعر منها. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11795أبان بن عثمان "اثنان" بالرفع على الابتداء، والخبر الجار قبله. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير وأبو عمرو
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر المعز بفتح العين، والباقون بسكونها، وهما لغتان في جمع ماعز، وقد تقدم أن فاعلا يجمع على فعل تارة وعلى فعل أخرى كتاجر وتجر وخادم وخدم، وقد تقدم تحقيقه، ويجمع أيضا على معزى، وبها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=34أبي، قال
امرؤ القيس: 1104 - ألا إن لا تكن إبل فمعزى كأن قرون جلتها العصي
وقال
أبو زيد: إنه يجمع على أمعوز، وأنشد:
2105 - . . . . . . . . . . . . . . كالتيس في أمعوزه المتربل
ويجمع أيضا على معيز، وأنشدوا
لامرئ القيس: 1106 - ويمنحها بنو شمجى بن جرم معيزهم حنانك ذا الحنان
والإبل: اسم جمع لا واحد له من لفظه، بل واحده جمل وناقة وبعير، ولم يجئ اسم على فعل عند
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه غيره، وزاد غير
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه بكرا وإطلا
[ ص: 195 ] ووتدا ومشطا، وسيأتي لهذا مزيد بيان في الغاشية إن شاء الله، والنسبة إليه إبلي بفتح الباء لئلا يتوالى كسرتان مع ياءين.
قوله:
آلذكرين حرم الذكرين منصوب بما بعده، وسبب إيلائه الهمزة ما تقدم في قوله
"أأنت قلت للناس" و "أم" عاطفة للأنثيين على الذكرين، وكذلك أم الثانية عاطفة ما الموصولة على ما قبلها فمحلها نصب تقديره: أم الذي اشتملت عليه أرحام، فلما التقت الميم ساكنة مع ما بعدها وجب الإدغام.