آ. (84) قوله تعالى:
وإذ أخذنا ميثاقكم لا تسفكون : كقوله:
وإذ أخذنا ميثاق بني إسرائيل: لا تعبدون إلا الله .
قوله:
من دياركم متعلق بتخرجون ومن لابتداء الغاية.
وديار جمع دار والأصل: دور؛ لأنها من دار يدور دورانا، وأصل ديار: دوار، وإنما قلبت الواو ياء لانكسار ما قبلها، واعتلالها في الواحد، وهذه قاعدة مطردة في كل جمع على فعال صحيح اللام قد اعتلت عين مفرده أو سكنت حرف علة نحو: دار وديار وثياب، ولذلك صح "رواء" لاعتلال لامه، و"طوال" لتحرك عين مفرده وهو طويل، فأما "طيال" في طوال فشاذ.
وحكم المصدر حكم هذا نحو: قام قياما وصام صياما، ولذلك صح "لواذا" لصحة فعله في قولهم: لاوذ، وأما "ديار" فهو من لفظة الدار، وأصله ديوار، فاجتمع الياء والواو فأعلا على القاعدة المعروفة فوزنه: فيعال لا فعال، إذ لو كان فعالا لقيل: دوار كصوام وقوام.
والدار مجتمع القوم من الأبنية، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14248الخليل: "كل موضع حله الناس، وإن لم يكن أبنية".
وقرئ: "تسفكون" بضم الفاء، و"تسفكون" من سفك مضعفا، "وتسفكون" من أسفك الرباعي.
وقوله:
دماءكم يحتمل الحقيقة وقد وجد من قتل نفسه، ويحتمل المجاز وذلك من أوجه:
أحدها: إقامة السبب مقام المسبب، أي: إذا سفكتم
[ ص: 474 ] دم غيركم فقد سفك دمكم، وهو قريب من قولهم: "القتل أنفى للقتل".
قال:
583 - سقيناهم كأسا سقونا بمثلها ولكنهم كانوا على الموت أصبرا
وقيل: "المعنى: لا يسفك بعضكم دم بعض" واختاره
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري .
وقيل: "لا تسفكوها بارتكابكم ما يوجب سفكها كالارتداد ونحوه".
قوله:
ثم أقررتم قال
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء : فيه وجهان:
أحدهما أن "ثم" على بابها في إفادة العطف والتراخي، والمعطوف عليه محذوف تقديره: فقبلتم ثم أقررتم.
والثاني: أن تكون "ثم" جاءت لترتيب الخبر لا لترتيب المخبر عنه، كقوله تعالى:
ثم الله شهيد .
قوله:
وأنتم تشهدون كقوله:
وأنتم معرضون .