آ. (10) قوله تعالى:
وجعلنا لكم : يجوز أن تكون بمعنى "خلق" فتتعدى لواحد فيتعلق الجاران بالجعل، أو بمحذوف على أنهما حالان من
"معايش" لأنهما لو تأخرا لجاز أن يكونا وصفين. ويجوز أن تكون التصييرية فتتعدى لاثنين أولهما "معايش"، والثاني أحد الجارين، والآخر: إما حال فيتعلق بمحذوف، وإما متعلق بنفس الجعل وهو الظاهر.
ومعايش جمع معيشة وفيها ثلاثة مذاهب، مذهب
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه nindex.php?page=showalam&ids=14248والخليل: أن وزنها مفعلة بضم العين أو مفعلة بكسرها، فعلى الأول جعلت الضمة كسرة ونقلت إلى فاء الكلمة. وقياس قول
nindex.php?page=showalam&ids=13674الأخفش في هذا النحو أن يغير الحرف لا الحركة، فمعيشة عنده شاذة إذ كان ينبغي أن يقال فيها معوشة. وأما على قولنا إن أصلها معيشة بكسر العين فلا شذوذ فيها. ومذهب
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن وزنها مفعلة بفتح العين وليس بشيء. والمعيشة اسم لما يعاش به أي يحيا، وهي في الأصل مصدر لعاش يعيش عيشا وعيشة قال تعالى:
في عيشة راضية [ ص: 258 ] ومعاشا: قال تعالى:
وجعلنا النهار معاشا ومعيشا قال
nindex.php?page=showalam&ids=15876رؤبة: 2141 - إليك أشكو شدة المعيش وجهد أعوام نتفن ريشي
والعامة على "معايش" بصريح الياء. وقد خرج
nindex.php?page=showalam&ids=15786خارجة فروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع "معائش" بالهمز. وقال النحويون: هذه غلط; لأنه لا يهمز عندهم إلا ما كان فيه حرف المد زائدا نحو: صحائف ومدائن، وأما "معايش" فالياء أصل لأنها من العيش. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12095الفارسي عن
أبي عثمان: "أصل أخذ هذه القراءة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع". قال: "ولم يكن يدري ما العربية؟". قلت: قد فعلت
العرب مثل هذا، فهمزوا منائر ومصائب جمع منارة ومصيبة، والأصل: مناور ومصاوب. وقد غلط
nindex.php?page=showalam&ids=16076سيبويه من قال مصائب، ويعني بذلك أنه غلط بالنسبة إلى مخالفة الجادة، وهذا كما تقدم عنه أنه قال: واعلم أن بعضهم يغلط فيقول: "إنهم أجمعون ذاهبون" قال: ومنهم من يأتي بها على الأصل فيقول: مصاوب ومناور، وهذا كما قالوا في جمع مقال ومقام: مقاوم ومقاول في رجوعهم بالعين إلى أصلها قال: وأنشد النحويون على ذلك:
[ ص: 259 ] 2142 - وإني لقوام مقاوم لم يكن جرير ولا مولى جرير يقومها
ووجه همزها أنهم شبهوا الأصلي فتوهموا أن معيشة بزنة صحيفة فهمزوها كما همزوا تيك. قالوا: ونظير ذلك في تشبيههم الأصلي بالزائد قولهم في جمع مسيل: مسلان توهموه على أنه على زنة قضيب وقضبان وقالوا في جمعه أمسلة كأنهم توهموا أنه بزنة رغيف وأرغفة، وإنما مسيل وزنه مفعل لأنه من سيلان الماء. وأنشدوا على مسيل وأمسلة قول
أبي ذؤيب الهذلي: 2143 - بواد لا أنيس به يباب وأمسلة مذانبها خليف
وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج: "جميع نحاة البصرة تزعم أن همزها خطأ، ولا أعلم لها وجها إلا التشبيه بصحيفة وصحائف، ولا ينبغي التعويل على هذه القراءة".
قلت: وهذه القراءة لم ينفرد بها
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع بل قرأها جماعة جلة معه، فإنها منقولة عن
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر الذي قرأ على جماعة من الصحابة
nindex.php?page=showalam&ids=7كعثمان nindex.php?page=showalam&ids=4وأبي الدرداء ومعاوية، وقد سبق ذلك في الأنعام، وقد قرأ بها قبل ظهور اللحن وهو عربي صريح. وقرأ بها أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=15948زيد بن علي وهو على جانب من الفصاحة والعلم الذي لا يدانيه إلا القليل. وقرأ بها أيضا
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش nindex.php?page=showalam&ids=13723والأعرج وكفى بهما في الإتقان والضبط. وقد نقل
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء أن قلب هذه الياء تشبيها لها بياء صحيفة قد جاء وإن كان قليلا.
[ ص: 260 ] وقوله:
قليلا ما تشكرون كقوله:
قليلا ما تذكرون .