آ. (43) وقوله تعالى:
من غل : يجوز أن تكون "من" لبيان جنس "ما"، ويجوز أن تكون حالا فتتعلق بمحذوف أي: كائنا من غل. وقوله:
تجري من تحتهم الأنهار في هذه الجملة ثلاثة أوجه، أحدها: أنها حال من الضمير في
"صدورهم" قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء. وجعل العامل في هذه الحال معنى الإضافة. والثاني: أنها حال، والعامل فيها "نزعنا"، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14183الحوفي. والثالث: أنها استئناف إخبار عن صفة أحوالهم.
ورد الشيخ الوجهين الأولين: أما الثاني فلأن
تجري من تحتهم الأنهار ليس من صفة فاعل "نزعنا" ولا مفعوله وهما "نا" و "ما" فكيف ينتصب
[ ص: 324 ] حالا عنهما؟ وهو واضح. وأما الأول فلأن معنى الإضافة لا يعمل إلا إذا أمكن تجريد المضاف وإعماله فيما بعده رفعا أو نصبا. قلت: قد تقدم غير مرة أن الحال تأتي من المضاف إليه إذا كان المضاف جزءا من المضاف إليه لمدرك آخر لا لما ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء من أن العامل هو معنى الإضافة، بل العامل في الحال هو العامل في المضاف وإن كانت الحال ليست منه; لأنهما لما كانا متضايفين وكانا مع ذلك شيئا واحدا ساغ ذلك.
والغل: الحقد والإحنة والبغض، وكذلك الغلول. وجمع الغل غلال. والغلول: الأخذ في خفية، وأحسن ما قيل أن ذلك من لفظ الغلالة كأنه تدرع ولبس الحقد والخيانة حتى صار إليه كالغلالة الملبوسة.
قوله:
لولا أن هدانا أن وما في حيزها في محل رفع بالابتداء، والخبر محذوف على ما قدرته غير مرة، وجواب "لولا" مدلول عليه بقوله: "وما كنا" تقديره: لولا هداية لنا موجودة لشقينا أو ما كنا مهتدين. و "لقد جاءت" جواب قسم مقدر. و "بالحق" يجوز أن تكون الباء للتعدية، فبالحق مفعول معنى، ويجوز أن تكون للحال أي: جاءوا ملتبسين بالحق.
قوله:
أن تلكم يجوز أن تكون المفسرة، فسرت النداء وهو الظاهر بما بعدها. ويجوز أن تكون المخففة، واسمها ضمير الأمر محذوفا، وأن وما بعدها في محل نصب أو جر; لأن الأصل: بأن تلكم، وأشير إليها بإشارة البعيد لأنهم وعدوها في الدنيا. وعبارة بعضهم "هي إشارة لغائبة" [فيها] مسامحة لأن الإشارة لا تكون إلا لحاضر، ولكن العلماء تطلق على البعيد غائبا مجازا.
[ ص: 325 ] و
"أورثتموها" يجوز أن تكون هذه الجملة حالية كقوله:
فتلك بيوتهم خاوية ، ويجوز أن تكون خبرا عن "تلكم" ويجوز أن تكون "الجنة" بدلا أو عطف بيان، و "أورثتموها" الخبر. ومنع
nindex.php?page=showalam&ids=14803أبو البقاء أن تكون حالا من "تلكم" للفصل بالخبر، ولأن المبتدأ لا يعمل في الحال. وأدغم
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو والأخوان الثاء في التاء، وأظهرها الباقون.
و
بما كنتم تعملون تقدم غير مرة. والجماعة على "وما كنا" بواو وكذلك هي في مصاحف الأمصار غير
الشام. وفيها وجهان، أظهرهما: أنها واو الاستئناف، والجملة بعدها مستأنفة. والثاني: أنها حالية. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16447ابن عامر: "وما كنا" بدون واو، والجملة على ما تقدم من احتمالي الاستئناف والحال، وهي في مصحف الشاميين كذا فقد قرأ كل بما في مصحفه.