آ. (44) قوله تعالى:
أن قد وجدنا : "أن" يحتمل أن تكون تفسيرية للنداء، وأن تكون مخففة من الثقيلة، واسمها ضمير الأمر والشأن، والجملة بعدها خبرها، وإذا كان الفعل متصرفا غير دعاء فالأجود الفصل بـ "قد" كهذه الآية أو بغيرها. وقد تقدم تحقيقه في المائدة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14423الزمخشري: فإن قلت: هلا قيل: ما وعدكم ربكم، كما قيل: "ما وعدنا ربنا". قلت: حذف ذلك تخفيفا لدلالة "وعدنا" عليه. ولقائل أن يقول: أطلق ليتناول كل ما وعد الله من البعث والحساب والعقاب والثواب وسائر أحوال القيامة، لأنهم كانوا مكذبين بذلك أجمع، ولأن الموعود كله مما ساءهم،
[ ص: 326 ] وما نعيم أهل الجنة إلا عذاب لهم فأطلق لذلك. قلت: قوله: "ولقائل إلى آخره" هذا الجواب لا يطابق سؤاله لأن المدعى حذف المفعول الأول وهو ضمير المخاطبين، والجواب وقع بالمفعول الثاني الذي هو الحساب والعقاب وسائر الأحوال، فهذا إنما يناسب لو سئل عن حذف المفعول الثاني لا المفعول الأول.
و
نعم حرف جواب كأجل وإي وجير وبلى. ونقيضتها لا، و "نعم" تكون لتصديق الإخبار أو إعلام استخبار أو وعد طالب، وقد يجاب بها النفي المقرون باستفهام وهو قليل جدا كقوله:
2200 - أليس الليل يجمع أم عمرو وإيانا فذاك بنا تداني نعم وترى الهلال كما أراه
ويعلوها النهار كما علاني
فأجاب قوله "أليس" بـ نعم، وكان من حقه أن يقول: بلى، ولذلك يروى عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس في قوله تعالى:
ألست بربكم قالوا بلى : لو قالوا: نعم لكفروا، وفيه بحث يأتي إن شاء الله تعالى قريبا.
وتكسر عينها، وبها قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش nindex.php?page=showalam&ids=17340ويحيى بن وثاب، وهي لغة
كنانة. وطعن
nindex.php?page=showalam&ids=11971أبو حاتم عليها وقال: "ليس الكسر بمعروف". واحتج
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي لقراءته بما يحكى عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر بن الخطاب أنه سأل قوما فقالوا: نعم يعني بالفتح فقال: "أما النعم فالإبل فقولوا: نعم"، أي بالكسر. قال
nindex.php?page=showalam&ids=12074أبو عبيد: "ولم نر
العرب يعرفون ما رووه عن
nindex.php?page=showalam&ids=2عمر ونراه مولدا". قلت: هذا طعن في
[ ص: 327 ] المتواتر فلا يقبل. وتبدل عينها حاء، وهي لغة فاشية كما تبدل حاء "حتى" عينا.
وقوله:
بينهم يجوز أن يكون منصوبا بـ "أذن" أو بـ "مؤذن"، وأن يكون متعلقا بمحذوف على أنه صفة لـ "مؤذن". قال
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي عند إجازته هذا الوجه: ولكن لا يعمل في "أن"، "مؤذن" إذ قد نعته، يعني أن قوله
"أن لعنة" لا يجوز أن يكون معمولا [لـ "مؤذن" لأنه موصوف، واسم الفاعل متى وصف لم يعمل.
قلت: هذا يوهم أنا إذا لم نجعل "بينهم" نعتا لـ "مؤذن" جاز أن يعمل في "أن" ] وليس الأمر كذلك، [لأنك لو قلت] : "ضرب ضارب زيدا" تنصب زيدا بـ ضرب لا بضارب. لكني قد رأيت
nindex.php?page=showalam&ids=15466الواحدي أجاز ما أجاز
nindex.php?page=showalam&ids=17141مكي [من كون] "مؤذن" عاملا في "أن"، وإذا وصفته امتنع ذلك، وفيه ما تقدم وهو حسن.
و "أن" يجوز أن تكون المفسرة، وأن تكون المخففة، والجملة الاسمية بعدها الخبر، ولا حاجة هنا لفاصل. وقرأ الأخوان
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر nindex.php?page=showalam&ids=13869والبزي: "أن" بفتح الهمزة وتشديد النون ونصب اللعنة على أنها اسمها، و
"على الظالمين" خبرها، وكذلك في النور "أن لعنة الله عليه" خفف "أن" ورفع اللعنة
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع وحده، والباقون بالتشديد والنصب. وقرأ
عصمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش: إن
[ ص: 328 ] بالكسر والتشديد وذلك: إما على إضمار القول عن البصريين، وإما على إجراء النداء مجرى القول عند الكوفيين.