آ. (49) قوله تعالى:
أهؤلاء الذين أقسمتم : يجوز في هذه الجملة وجهان، أحدهما: أنها في محل نصب بالقول المتقدم أي: قالوا: ما أغنى وقالوا: أهؤلاء الذين. والثاني: أن تكون جملة مستقلة غير داخلة في حيز القول، والمشار إليهم على القول الأول هم أهل الجنة، والقائلون ذلك هم أهل الأعراف، والمقول لهم هم أهل النار. والمعنى: وقال أهل الأعراف لأهل النار: أهؤلاء الذين في الجنة اليوم هم الذين كنتم تحلفون إنهم لا يدخلون الجنة، برحمة الله وفضله ادخلوا الجنة أي: قالوا لهم أو قيل لهم: ادخلوا الجنة.
وأما على القول الثاني وهو الاستئناف: فاختلف في المشار إليه. فقيل: هم أهل الأعراف، والقائل ذلك ملك يأمره الله بهذا القول، والمقول له هم أهل النار. وقيل: المشار إليه هم أهل الجنة، والقائل هم الملائكة، والمقول له هم أهل النار. وقيل: المشار إليهم هم أهل الأعراف وهم القائلون ذلك أيضا، والمقول لهم الكفار، وقوله
"ادخلوا الجنة" من قولة أهل الأعراف أيضا أي: يرجعون فيخاطب بعضهم بعضا فيقولون: ادخلوا الجنة. وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري: "إن قوله:
أهؤلاء الذين أقسمتم لا ينالهم الله برحمة" من كلام أصحاب الأعراف. وقوله
"ادخلوا" من كلام الله تعالى، وذلك على إضمار قول أي: فقال لهم الله: ادخلوه، ونظيره قوله تعالى:
يريد أن يخرجكم من أرضكم بسحره فهذا من كلام الملأ، فماذا تأمرون؟ فهذا من كلام
فرعون أي: فقال: فماذا تأمرون؟
[ ص: 333 ] وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن nindex.php?page=showalam&ids=16972وابن سيرين: "أدخلوا الجنة" أمرا من أدخل وفيها تأويلان، أحدهما: أن المأمور بالإدخال الملائكة أي: أدخلوا يا ملائكة هؤلاء. ثم خاطب البشر بعد خطاب الملائكة فقال: لا خوف عليكم، وتكون الجملة من قوله:
"لا خوف" لا محل لها من الإعراب لاستئنافها. والثاني: أن المأمور بذلك هم أهل الأعراف والتقدير: أدخلوا أنفسكم، فحذف المفعول في الوجهين. ومثل هذه القراءة هنا قوله تعالى:
أدخلوا آل فرعون وستأتي إن شاء الله، إلا أن المفعول هناك مصرح به في إحدى القراءتين.
والجملة من قوله
"لا خوف" على هذا في محل نصب على الحال أي: أدخلوا أنفسكم غير خائفين. وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة "دخلوا" ماضيا مبنيا للفاعل.
nindex.php?page=showalam&ids=16258وطلحة nindex.php?page=showalam&ids=17340وابن وثاب nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي "أدخلوا" من أدخل ماضيا مبنيا للمفعول على الإخبار، وعلى هاتين فالجملة المنفية في محل نصب بقول مقدر، ذلك القول منصوب على الحال أي: مقولا لهم لا خوف.