صفحة جزء
آ. (101) قوله تعالى: تلك القرى نقص : قال الزمخشري: كقوله وهذا بعلي شيخا في كونه مبتدأ وخبرا وحالا، يعني أن "تلك" مبتدأ مشار بها إلى ما بعدها، و "القرى" خبرها، و "نقص" حال أي قاصين كقوله: فتلك بيوتهم خاوية . قال الزمخشري: فإن قلت: ما معنى "تلك القرى" حتى يكون كلاما مفيدا؟ قلت: هو مفيد ولكن بالصفة في قولك: "هو الرجل الكريم". قلت: يعني أن الحال هنا لازمة ليفيد التركيب، كما تلزم الصفة في قولك: "هو الرجل الكريم" ألا ترى أنك لو اقتصرت على "هو الرجل" لم يكن مفيدا، ويجوز أن تكون "القرى" صفة لتلك، و "نقص" الخبر، ويجوز أن يكون "نقص" خبرا بعد خبر. و "نقص" يجوز أن يكون على حاله من الاستقبال أي: قد قصصنا عليك من أنبائها ونحن نقص عليك أيضا بعض أنبائها، وأشير بالبعد تنبيها على بعد هلاكها وتقادمه عن زمن الإخبار فهو من الغيب. وفي قوله "القرى" بأل تعظيم كقوله تعالى: "ذلك [ ص: 398 ] الكتاب"، وقول الرسول عليه السلام: "أولئك الملأ من قريش" وقول أمية:


2254 - تلك المكارم لا قعبان من لبن شيبا بماء فعادا بعد أبوالا



و "من" للتبعيض كما تقدم، لأنه إنما قص عليه عليه السلام ما فيه عظة وانزجار دون غيرهما.

قوله: فما كانوا ليؤمنوا بما كذبوا الظاهر أن الضمائر كلها عائدة على أهل القرى، وقال يمان بن رئاب: إن الضميرين الأولين لأهل القرى، والضمير في "كذبوا" لأسلافهم. وكذا حرر ابن عطية أيضا أي: فما كان الأبناء ليؤمنوا بما كذب به الآباء وقد تقدم الكلام على لام الجحود وأن نفي الفعل معها أبلغ. و "ما" موصولة اسمية، وعائدها محذوف لأنه منصوب متصل أي: بما كذبوه. ولا يجوز أن يقدر "به" وإن كان الموصول مجرورا بالباء أيضا لاختلاف المتعلق.

وقال هنا بما كذبوا فلم يذكر متعلق التكذيب، وفي يونس ذكره فقال: بما كذبوا به ، والفرق أنه لما حذفه في قوله ولكن كذبوا استمر [ ص: 399 ] حذفه بعد ذلك، وأما في يونس فقد أبرزه في قوله فكذبوه فنجيناه ، كذبوا بآياتنا فناسب ذكره موافقة. قال معناه الكرماني.

قوله: كذلك يطبع الله أي: مثل ذلك الطبع على قلوب أهل القرى المنتفي عنهم الإيمان يطبع الله على قلوب الكفرة الجائين بعدهم.

التالي السابق


الخدمات العلمية