ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون
قوله تعالى:
ولله الأسماء الحسنى سبب نزولها أن رجلا دعا الله في صلاته ، ودعا الرحمن ، فقال
أبو جهل: أليس يزعم محمد وأصحابه أنهم يعبدون ربا واحدا ، فما بال هذا يدعو اثنين؟ فأنزل الله هذه الآية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . فأما الحسنى ، فهي تأنيث الأحسن . ومعنى الآية أن أسماء الله حسنى ، وليس المراد أن فيها ما ليس
[ ص: 293 ] بحسن . وذكر
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي أن المراد بذلك ما مالت إليه النفوس من ذكره بالعفو والرحمة دون السخط والنقمة وقوله:
فادعوه بها أي: نادوه بها ، كقولك: يا الله ، يا رحمن .
قوله تعالى:
وذروا الذين يلحدون في أسمائه قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: " يلحدون " بضم الياء ، وكذلك في [النحل:103] و[السجدة ][فصلت:40] . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15760حمزة: "يلحدون " بفتح الحاء والياء فيهن ، ووافقه
الكسائي ، وخلف في [النحل:103] . قال الأخفش: ألحد ولحد: لغتان; فمن قرأ بهما أراد الأخذ باللغتين ، فكأن الإلحاد: العدول عن الاستقامة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة: يجورون عن الحق ويعدلون; [فيقولون: اللات والعزى ومناة وأشباه ذلك] ومنه لحد القبر ، لأنه في جانب . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : ولا ينبغي لأحد أن يدعوه بما لم يسم به نفسه ، فيقول: يا جواد ، ولا يقول: يا سخي; ويقول: يا قوي ، ولا يقول: يا جلد ، ويقول: يا رحيم ، ولا يقول: يا رفيق ، لأنه لم يصف نفسه بذلك . قال
أبو سليمان الخطابي: ودليل هذه الآية أن الغلط في أسمائه والزيغ عنها إلحاد ، ومما يسمع على ألسنة العامة قولهم: يا سبحان ، يا برهان ، وهذا مهجور مستهجن لا قدوة فيه ، وربما قال بعضهم: يا رب طه ويس . وقد أنكر
ابن عباس على رجل قال: يا رب القرآن . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن إلحادهم في أسمائه أنهم سموا بها أوثانهم ، وزادوا فيها ونقصوا منها ، فاشتقوا اللات من الله ، والعزى من العزيز ، ومناة من المنان .
فصل
والجمهور على أن هذه الآية محكمة ، لأنها خارجة مخرج التهديد ، كقوله:
ذرني [ ص: 294 ] ومن خلقت وحيدا [المدثر:11] ، وقد ذهب بعضهم إلى أنها منسوخة بآية القتال ، لأن قوله:
وذروا الذين يلحدون في أسمائه يقتضي الإعراض عن الكفار ، وهذا قول
ابن زيد .