وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا عسى الله أن يتوب عليهم إن الله غفور رحيم
قوله تعالى:
وآخرون اعترفوا بذنوبهم اختلفوا فيمن نزلت على قولين .
أحدهما:
أنهم عشرة رهط تخلفوا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة تبوك فلما [ ص: 494 ] دنا رجوع رسول الله صلى الله عليه وسلم ، أوثق سبعة منهم أنفسهم بسواري المسجد .
فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ، قال "من هؤلاء"؟ قالوا: هذا أبو لبابة وأصحاب له تخلفوا عنك ، فأقسموا بالله لا يطلقون أنفسهم حتى تطلقهم أنت وتعذرهم ، فقال "وأنا أقسم بالله لا أطلقهم ولا أعذرهم حتى يكون الله تعالى هو الذي يطلقهم ، رغبوا عني وتخلفوا عن الغزو مع المسلمين" فنزلت هذه الآية ، فأرسل إليهم فأطلقهم وعذرهم ، رواه
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أن الذين تخلفوا كانوا ستة ، فأوثق أبو لبابة نفسه ورجلان معه ، وبقي ثلاثة لم يوثقوا أنفسهم فلما نزلت هذه الآية ، أطلقهم رسول الله صلى الله عليه وسلم وعذرهم . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنهم كانوا ثلاثة:
أبو لبابة بن عبد المنذر ، وأوس بن ثعلبة ، ووديعة بن خذام الأنصاري . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ، nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ، nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم: كانوا ثمانية . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة: ذكر لنا أنهم كانوا سبعة .
والثاني: أنها نزلت في
أبي لبانة وحده . واختلفوا في ذنبه على قولين .
أحدهما: أنه خان الله ورسوله بإشارته إلى بني قريظة حين شاوروه في النزول على حكم سعد أنه الذبح ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ، وقد شرحناه في (الأنفال:27) .
[ ص: 495 ] والثاني: أنه تخلفه عن
تبوك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12300الزهري . فأما الاعتراف ، فهو الإقرار بالشيء عن معرفة . والاعتراف بالذنب أدعى إلى صدق التوبة والقبول .
قوله تعالى:
خلطوا عملا صالحا وآخر سيئا قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935ابن جرير: وضع الواو مكان الباء ، والمعنى: بآخر سيئ ، كما تقول: خلطت الماء واللبن .
وفي ذلك العمل قولان .
أحدهما: أن العمل الصالح: ما سبق من جهادهم ، والسيئ: التأخر عن الجهاد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14468السدي .
والثاني: أن العمل الصالح: توبتهم والسيئ: تخلفهم ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=14888الفراء . وفي قوله "عسى" قولان .
أحدهما: أنه واجب من الله تعالى ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني: أنه ترديد لهم بين الطمع والإشفاق ، وذلك يصد عن اللهو والإهمال .