والذين اتخذوا مسجدا ضرارا وكفرا وتفريقا بين المؤمنين وإرصادا لمن حارب الله ورسوله من قبل وليحلفن إن أردنا إلا الحسنى والله يشهد إنهم لكاذبون
قوله تعالى:
والذين اتخذوا مسجدا قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ، nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ، nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ، nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ، nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي: "والذين" بواو ، وكذلك هي في مصاحفهم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع ، nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر: "الذين" بغير واو ، وكذلك هي في مصاحف أهل
المدينة والشام . قال
أبو علي: من قرأ بالواو ، فهو معطوف على ما قبله ، نحو قوله:
ومنهم من عاهد الله [التوبة:75] ،
ومنهم من يلمزك [التوبة:58] ،
ومنهم الذين يؤذون النبي [التوبة:61] ، والمعنى: ومنهم الذين اتخذوا مسجدا . ومن حذف الواو ، فعلى وجهين .
أحدهما: أن يضمر - ومنهم الذين اتخذوا كقوله: أكفرتم ، المعنى: فيقال لهم: أكفرتم .
والثاني: أن يضمر الخبر بعد ، كما أضمر في قوله:
إن الذين كفروا ويصدون عن سبيل الله والمسجد الحرام [الحج:25] ، المعنى ينتقم منهم ويعذبون . قال أهل التفسير: لما اتخذ
بنو عمرو بن عوف مسجد قباء ، وبعثوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ، فأتاهم ، فصلى فيه; حسدهم إخوتهم
بنو غنم بن عوف ، وكانوا من منافقي
الأنصار فقالوا: نبني مسجدا ، ونرسل إلى رسول الله فيصلي
[ ص: 499 ] فيه ويصلي فيه
أبو عامر الراهب إذا قدم من
الشام; وكان
أبو عامر قد ترهب في الجاهلية وتنصر ، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم
المدينة ، عاداه ، فخرج إلى
الشام ، وأرسل إلى المنافقين أن أعدوا من استطعتم من قوة وسلاح ، وابنوا لي مسجدا ، فإني ذاهب إلى قيصر فآتي بجند الروم فأخرج
محمدا وأصحابه ، فبنوا هذا المسجد إلى جنب
مسجد قباء; وكان الذين بنوه اثني عشر رجلا:
خذام بن خالد ومن داره أخرج المسجد ،
ونبتل بن الحارث ، وبجاد بن عثمان ، وثعلبة بن حاطب، ومعتب بن قشير، وعباد بن حنيف، ووديعة بن ثابت، وأبو حبيبة بن الأزعر، وجارية بن عامر، وابناه
يزيد ومجمع; وكان
مجمع إمامهم فيه، ثم صلحت حاله،
وبحزج جد عبد الله بن حنيف، وهو الذي قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ما أردت بما أرى"؟ فقال: والله ما أردت إلا الحسنى، وهو كاذب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل: الذي حلف
مجمع . وقيل: كانوا سبعة عشر; فلما فرغوا منه، أتوا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقالوا: إنا قد ابتنينا مسجدا لذي العلة والحاجة والليلة المطيرة، وإنا نحب أن تأتينا فتصلي فيه; فدعى بقميصه ليلبسه، فنزل عليه القرآن وأخبره الله خبرهم، فدعا
nindex.php?page=showalam&ids=8131معن بن عدي، ومالك بن الدخشم في آخرين، وقال: "انطلقوا إلى هذا المسجد الظالم أهله، فاهدموه وأحرقوه"، وأمر به رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يتخذ كناسة تلقى فيها الجيف . ومات
أبو عامر بالشام وحيدا غريبا .
فأما التفسير، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : "الذين" في موضع رفع، المعنى: ومنهم الذين اتخذوا مسجدا ضرارا . و"ضرارا" انتصب مفعولا له المعنى: اتخذوه للضرار والكفر والتفريق والإرصاد . فلما حذفت اللام، أفضى الفعل فنصب قال المفسرون:
[ ص: 500 ] والضرار بمعنى المضارة
لمسجد قباء، (وكفرا) بالله ورسوله (وتفريقا بين المؤمنين) لأنهم كانوا يصلون في مسجد قباء جميعا، فأرادوا تفريق جماعتهم، والإرصاد: الانتظار فانتظروا به مجيء
أبي عامر، وهو الذي حارب الله ورسوله من قبل بناء مسجد الضرار .
وليحلفن إن أردنا أي: ما أردنا (إلا الحسنى) أي: ما أردنا بابتنائه إلا الحسنى; وفيها ثلاثة أوجه .
أحدها: طاعة الله . والثاني: الجنة . والثالث: فعل التي هي أحسن من إقامة الدين والاجتماع للصلاة . وقد ذكرنا اسم الحالف .