والله يدعو إلى دار السلام ويهدي من يشاء إلى صراط مستقيم للذين أحسنوا الحسنى وزيادة ولا يرهق وجوههم قتر ولا ذلة أولئك أصحاب الجنة هم فيها خالدون
قوله تعالى : "
والله يدعو إلى دار السلام " يعني الجنة . وقد ذكرنا معنى تسميتها بذلك عند قوله : "
لهم دار السلام عند ربهم " [الأنعام :127] . واعلم أن الله عم بالدعوة وخص الهداية من شاء ، لأن الحكم له في خلقه .
وفي المراد بالصراط المستقيم أربعة أقوال :
أحدها : كتاب الله ، رواه
علي عن النبي صلى الله عليه وسلم . والثاني : الإسلام ، رواه
النواس بن سمعان عن النبي صلى الله عليه وسلم . والثالث : الحق ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . والرابع : المخرج من الضلالات والشبه ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية .
[ ص: 23 ] قوله تعالى : "
للذين أحسنوا " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : قالوا : لا إله إلا الله . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : الحسنى : كلمة مستغنى عن وصفها ونعتها ، لأن
العرب توقعها على الخلة المحبوبة المرغوب فيها المفروح بها ، فكان الذي تعلمه
العرب من أمرها يغني عن نعتها ، فكذلك المزيد عليها محمول على معناها ومتعرف من جهتها ، يدل على هذا قول
امرئ القيس :
فلما تنازعنا الحديث وأسمحت هصرت بغصن ذي شماريخ ميال
فصرنا إلى الحسنى ورق كلامنا
ورضت فذلت صعبة أي إذلال
أي : إلى الأمر المحبوب . وهصرت بمعنى مددت . والغصن كناية عن المرأة . والباء مؤكدة للكلام ، كما تقول
العرب : ألقى بيده إلى الهلاك ، يريدون : ألقى يده . والشماريخ كناية عن الذوائب . ورضت ، معناه : أذللت . ومن أجل هذا قال : أي إذلال ، ولم يقل : أي رياضة .
[ ص: 24 ] وللمفسرين في المراد بالحسنى خمسة أقوال :
أحدها : أنها الجنة ، روي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، وبه قال الأكثرون . والثاني : أنها الواحدة من الحسنات بواحدة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثالث : النصرة قاله
عبد الرحمن بن سابط . والرابع : الجزاء في الآخرة ، قاله
ابن زيد . والخامس : الأمنية ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري . وفي الزيادة ستة أقوال :
أحدها : أنها النظر إلى الله عز وجل . روى
nindex.php?page=showalam&ids=17080مسلم في " صحيحه " من حديث
nindex.php?page=showalam&ids=52صهيب nindex.php?page=hadith&LINKID=907685عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال : " الزيادة : النظر إلى وجه الله عز وجل " . وبهذا القول قال
nindex.php?page=showalam&ids=1أبو بكر الصديق ،
nindex.php?page=showalam&ids=110وأبو موسى الأشعري ،
nindex.php?page=showalam&ids=21وحذيفة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11وابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=16330وعبد الرحمن بن أبي ليلى ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
والثاني : أن الزيادة غرفة من لؤلؤة واحدة لها أربعة أبواب ، رواه
الحكم عن
علي ، ولا يصح .
[ ص: 25 ] والثالث : أن الزيادة : مضاعفة الحسنة إلى عشر أمثالها ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن .
والرابع : أن الزيادة : مغفرة ورضوان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والخامس : أن الزيادة : أن ما أعطاهم في الدنيا لا يحاسبهم به في القيامة ، قاله
ابن زيد .
والسادس : أن الزيادة : ما يشتهونه ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
قوله تعالى : "
ولا يرهق " أي : لا يغشى "
وجوههم قتر " وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=13726والأعمش : " قتر " بإسكان التاء ، وفيه أربعة أقوال :
أحدها : أنه السواد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : سواد الوجوه من الكآبة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : القتر : الغبرة التي معها سواد . والثاني : أنه دخان جهنم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16568عطاء . والثالث : الخزي ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والرابع : الغبار ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة .
وفي الذلة قولان :
أحدهما : الكآبة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني : الهوان ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12033أبو سليمان .