حتى إذا جاء أمرنا وفار التنور قلنا احمل فيها من كل زوجين اثنين وأهلك إلا من سبق عليه القول ومن آمن وما آمن معه إلا قليل
قوله تعالى : "
حتى إذا جاء أمرنا " فيه قولان : أحدهما : جاء أمرنا بعذابهم وإهلاكهم . والثاني : جاء عذابنا وهو الماء ، ابتدأ بجنبات الأرض فدار حولها كالإكليل ، وجعل المطر ينزل من السماء كأفواه القرب ، فجعلت الوحوش يطلبن وسط الأرض هربا من الماء حتى اجتمعن عند السفينة ، فحينئذ حمل فيها من كل زوجين اثنين .
قوله تعالى : "
وفار التنور " الفور : الغليان ; والفوارة : ما يفور من القدر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13417ابن فارس .
قال المصنف : وقرأت على شيخنا
أبي منصور اللغوي عن
ابن دريد قال : التنور : اسم فارسي معرب لا تعرف له العرب اسما غير هذا ، فلذلك جاء في التنزيل ، لأنهم خوطبوا بما عرفوا . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس أنه قال : التنور ، بكل لسان عربي وعجمي .
[ ص: 105 ] وفي المراد بهذا التنور ستة أقوال :
أحدها : أنه اسم لوجه الأرض ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
علي عليه السلام . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : التنور : وجه الأرض ، قال : قيل له : إذا رأيت الماء قد علا وجه الأرض ، فاركب أنت وأصحابك ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12300والزهري .
والثاني : أنه تنوير الصبح ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=9473أبو جحيفة عن
علي رضي الله عنه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : التنوير عند الصلاة .
والثالث : أنه طلوع الفجر ، روي عن
علي أيضا ، قال : "
وفار التنور " : طلع الفجر .
والرابع : أنه طلوع الشمس ، وهو منقول عن علي أيضا .
والخامس : أنه تنور أهله ، روى
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : إذا رأيت تنور أهلك يخرج منه الماء ، فإنه هلاك قومك . وروى
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : أنه تنور
آدم عليه السلام ، وهبه الله
لنوح ، وقيل له : إذا فار الماء منه ، فاحمل ما أمرت به . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : كان تنورا من حجارة ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14888والفراء ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
والسادس : أنه أعلى الأرض وأشرفها .
قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : شبهت أعالي الأرض وأماكنها المرتفعة لعلوها ، بالتنانير . واختلفوا في المكان الذي فار منه التنور على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه فار من
مسجد الكوفة ، رواه
حبة العرني عن
علي عليه السلام . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15916زر بن حبيش : فار التنور من زاوية
مسجد الكوفة اليمنى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : نبع الماء من التنور ، فعلمت به امرأته فأخبرته ، وكان ذلك بناحية
الكوفة . وكان
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي يحلف بالله ما كان التنور إلا بناحية
الكوفة .
[ ص: 106 ] والثاني : أنه فار
بالهند ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث : أنه كان في أقصى دار
نوح ، وكانت
بالشام في مكان يقال له : عين وردة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
قوله تعالى : "
قلنا احمل فيها " أي : في السفينة "
من كل زوجين اثنين " . وروى
حفص عن
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم : " من كل " بالتنوين . قال
أبو علي : والمعنى : من كل شيء ، ومن كل زوج زوجين ، فحذف المضاف . وانتصاب " اثنين " على أنهما صفة لزوجين ، وقد علم أن الزوجين اثنان ، ولكنه توكيد . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد : من كل صنف ، ذكرا وأنثى . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : الزوج يكون واحدا ، ويكون اثنين ، وهو هاهنا واحد ، ومعنى الآية : احمل من كل ذكر وأنثى اثنين . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى : احمل زوجين اثنين من كل شيء ، والزوج في كلام
العرب يجوز أن يكون معه واحد ، والاثنان يقال لهما : زوجان ، يقال : عندي زوجان من الطير ، إنما يريد ذكرا وأنثى فقط . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : إنما قال " اثنين " فثنى الزوج ، لأنه قصد قصد الذكر والأنثى من الحيوان ، وتقديره : من كل ذكر وأنثى .
قوله تعالى : "
وأهلك " أي : واحمل أهلك . قال المفسرون أراد بأهله : عياله وولده . " إلا من سبق عليه القول " أي : سبق عليه القول من الله بالإهلاك ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك : وهم امرأته وابنه كنعان .
قوله تعالى : "
ومن آمن " معناه : واحمل من آمن . " وما آمن معه إلا قليل " وفي عددهم ثمانية أقوال :
أحدها : أنهم كانوا ثمانين رجلا معهم أهلوهم ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
[ ص: 107 ] والثاني : أن
نوحا حمل معه ثمانين إنسانا ، وبنيه الثلاثة ، وثلاث نسوة لبنيه ، وامرأة
نوح ، رواه
يوسف بن مهران عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث : كانوا ثمانين إنسانا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل كانوا أربعين رجلا وأربعين امرأة .
والرابع : كانوا أربعين ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13036ابن جريج عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والخامس : كانوا ثلاثين رجلا ، رواه
أبو نهيك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والسادس : كانوا ثمانية ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14152الحكم بن عتيبة : كان
نوح وثلاثة بنيه وأربع كنائنه . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة : ذكر لنا أنه لم ينج في السفينة إلا
نوح وامرأته وثلاثة بنين له ، ونساؤهم ، فجماعتهم ثمانية ، وهذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=14980القرظي ،
nindex.php?page=showalam&ids=13036وابن جريج .
والسابع : كانوا سبعة ،
نوح وثلاث كنائن له ، وثلاثة بنين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=13726الأعمش .
والثامن : كانوا عشرة سوى نسائهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12563ابن إسحاق . وروي عنه أنه قال : الذين نجوا مع
نوح بنوه الثلاثة ، ونساؤهم ثلاث ، وستة ممن آمن به