قال قائل منهم لا تقتلوا يوسف وألقوه في غيابت الجب يلتقطه بعض السيارة إن كنتم فاعلين قالوا يا أبانا ما لك لا تأمنا على يوسف وإنا له لناصحون أرسله معنا غدا يرتع ويلعب وإنا له لحافظون قال إني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف أن يأكله الذئب وأنتم عنه غافلون قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة إنا إذا لخاسرون
قوله تعالى : "
قال قائل منهم " فيه ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه يهوذا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=17285وهب بن منبه ،
[ ص: 185 ] nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل . والثاني : أنه
شمعون ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثالث :
روبيل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12563وابن إسحاق . فأما غيابة الجب ، فقال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : كل شيء غيب عنك شيئا فهو غيابة ، والجب : الركية التي لم تطو . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : الغيابة : كل ما غاب عنك ، أو غيب شيئا عنك ، قال
المنخل :
فإن أنا يوما غيبتني غيابتي فسيروا بسيري في العشيرة والأهل
والجب : البئر التي لم تطو ; سميت جبا من أجل أنها قطعت قطعا ، ولم يحدث فيها غير القطع من طي وما أشبهه . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : " في غيابة الجب " أي : في ظلماته . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن : في قعره . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : " غيابات الجب " فجعل كل منه غيابة . وروى
خارجة عن
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : " غيابات " بتشديد الياء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد : " غيبة الجب " بغير ألف مع إسكان الياء . وأين كان هذا الجب ، فيه قولان :
أحدهما : بأرض
الأردن ، قاله وهب . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل : هو بأرض
الأردن على ثلاث فراسخ من منزل
يعقوب . والثاني :
ببيت المقدس ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
قوله تعالى : "
يلتقطه بعض السيارة " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : يأخذه بعض من يسير . "
إن كنتم فاعلين " أي : إن أضمرتم له ما تريدون . وأكثر القراء قرؤوا " يلتقطه " بالياء . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة بالتاء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : وجميع النحويين يجيزون ذلك ، لأن بعض السيارة سيارة ، فكأنه قال : تلتقطه سيارة بعض السيارة . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : من قرأ بالتاء فقد أنث فعل بعض ، وبعض مذكر ، وإنما فعل ذلك حملا على المعنى ، إذ التأويل : تلتقطه السيارة ، قال الشاعر :
رأت مر السنين أخذن مني كما أخذ السرار من الهلال
[ ص: 186 ] أراد : رأت السنين ، وقال الآخر :
طول الليالي أسرعت في نقضي طوين طولي وطوين عرضي
أراد : الليالي أسرعت ، وقال
nindex.php?page=showalam&ids=15626جرير :
لما أتى خبر الزبير تواضعت سور المدينة والجبال الخشع
أراد : تواضعت المدينة ، وقال الآخر :
وتشرق بالقول الذي قد أذعته كما شرقت صدر القناة من الدم
أراد : كما شرقت القناة .
قال المفسرون : فلما عزم القوم على كيد
يوسف ، قالوا لأبيه : "
ما لك لا تأمنا " قرأ الجماعة " تأمنا " بفتح الميم وإدغام النون الأولى في الثانية والإشارة إلى إعراب النون المدغمة بالضم ; قال مكي : لأن الأصل " تأمننا " ثم أدغمت النون الأولى ، وبقي الإشمام يدل على ضمة النون الأولى . والإشمام : هو ضم شفتيك من غير صوت يسمع ، فهو بعد الإدغام وقبل فتحه النون الثانية .
nindex.php?page=showalam&ids=16248وابن كيسان يسمي الإشمام الإشارة ، ويسمي الروم إشماما ; والروم : صوت ضعيف يسمع خفيا . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=11962أبو جعفر " تأمنا " بفتح النون من غير إشمام إلى إعراب المدغم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن " مالك لا تأمنا " بضم الميم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=13548ابن مقسم " تأمننا " بنونين
[ ص: 187 ] على الأصل ، والمعنى : مالك لا تأمنا على
يوسف فترسله معنا ، فإنه قد كبر ولا يعلم شيئا من أمر المعاش "
وإنا له لناصحون " فيما أشرنا به عليك ; "
أرسله معنا غدا " إلى الصحراء . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل : في الكلام تقديم وتأخير ، وذلك أنهم قالوا له : أرسله معنا ، فقال : إني ليحزنني أن تذهبوا به ، فقالوا : مالك لا تأمنا .
قوله تعالى : " نرتع ونلعب " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو " نرتع ونلعب " بالنون فيهما ، والعين ساكنة ; وافقهم
زيد عن
يعقوب في " نرتع " فحسب .
وفي معنى " نرتع " ثلاثة أقوال :
أحدها : نله ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك . والثاني : نسع ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة . والثالث : نأكل ; يقال : رتعت الإبل : إذا رعت ، وأرتعتها : إذا تركتها ترعى . قال الشاعر :
وحبيب لي إذا لاقيته وإذا يخلو له لحمي رتع
أي : أكله ، هذا قول
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري ،
nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16273عاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15080والكسائي : "
يرتع ويلعب " بالياء فيهما وجزم العين والباء ، يعنون "
يوسف " . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=17192نافع : " نرتع " بكسر العين من " نرتع " من غير بلوغ إلى الياء . قال
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة : ومعناها نتحارس ، ويرعى بعضنا بعضا ، أي : يحفظ ; ومنه يقال : رعاك الله ، أي : حفظك . وقد رويت عن
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير أيضا " نرتعي " بإثبات ياء بعد العين في الوصل والوقف . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=9أنس ،
nindex.php?page=showalam&ids=12004وأبو رجاء " نرتع " بنون مرفوعة وكسر التاء وسكون العين ، و " نلعب " بالنون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : أي : نرتع إبلنا .
فأما قوله : " ونلعب " فقال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : نلهو .
[ ص: 188 ] فإن قيل : كيف لم ينكر عليهم
يعقوب ذكر اللعب ؟
فالجواب من وجهين : أحدهما : أنهم لم يكونوا حينئذ أنبياء ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبو عمرو ابن العلاء . والثاني : أنهم عنوا مباح اللعب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
قوله تعالى : "
إني ليحزنني أن تذهبوا به " أي : يحزنني ذهابكم به ، لأنه يفارقني فلا أراه . "
وأخاف أن يأكله الذئب " قرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير ،
nindex.php?page=showalam&ids=17192ونافع ،
nindex.php?page=showalam&ids=12114وأبو عمرو ،
nindex.php?page=showalam&ids=16273وعاصم ،
nindex.php?page=showalam&ids=16447وابن عامر ،
nindex.php?page=showalam&ids=15760وحمزة : " الذئب " بالهمز في الثلاثة المواضع . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=15080الكسائي ،
nindex.php?page=showalam&ids=11962وأبو جعفر ،
وشيبة بغير همز . قال
أبو علي : " الذئب " مهموز في الأصل . يقال : تذاءبت الريح : إذا جاءت من كل جهة كما يأتي الذئب .
وفي علة تخصيص الذئب بالذكر ثلاثة أقوال :
أحدها : أنه رأى في منامه أن الذئب شد على
يوسف ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثاني : أن أرضهم كانت كثيرة الذئاب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل . والثالث : أنه خافهم عليه فكنى بذكر الذئب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15151الماوردي .
قوله تعالى : "
وأنتم عنه غافلون " فيه قولان :
أحدهما : غافلون في اللعب . والثاني : مشتغلون برعيتكم .
قوله تعالى : "
لئن أكله الذئب ونحن عصبة " أي : جماعة نرى الذئب قد قصده ولا نرد عنه "
إنا إذا لخاسرون " أي : عاجزون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : ومن قرأ " عصبة " بالنصب ، فتقديره : ونحن نجتمع عصبة .