ولما بلغ أشده آتيناه حكما وعلما وكذلك نجزي المحسنين
قوله تعالى : "
ولما بلغ أشده " قد ذكرنا معنى الأشد في (الأنعام :152) ،
[ ص: 200 ] واختلف العلماء في المراد به هاهنا على ثمانية أقوال :
أحدها : أنه ثلاث وثلاثون سنة ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة . والثاني : ثماني عشرة سنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة . والثالث : أربعون سنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن . والرابع : بلوغ الحلم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14577الشعبي ،
وربيعة ،
nindex.php?page=showalam&ids=15944وزيد بن أسلم ، وابنه . والخامس : عشرون سنة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك . والسادس : أنه من نحو سبع عشرة سنة إلى نحو الأربعين ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج . والسابع : أنه بلوغ ثمان وثلاثين سنة ، حكاه
nindex.php?page=showalam&ids=13436ابن قتيبة . والثامن : ثلاثون سنة ، ذكره بعض المفسرين .
قوله تعالى : "
آتيناه حكما " فيه أربعة أقوال :
أحدها : أنه الفقه والعقل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد . والثاني : النبوة ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=15097ابن السائب . والثالث : أنه جعل حكيما ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج ، قال : وليس كل عالم حكيما ، إنما الحكيم : العالم المستعمل علمه ، الممتنع به من استعمال ما يجهل فيه . والرابع : أنه الإصابة في القول ، ذكره
nindex.php?page=showalam&ids=13968الثعلبي . قال اللغويون : الحكم عند
العرب ما يصرف عن الجهل والخطإ ، ويمنع منهما ، ويرد النفس عما يشينها ويعود عليها بالضرر ، ومنه حكمة الدابة . وأصل أحكمت في اللغة : منعت ، وسمي الحاكم حاكما ، لأنه يمنع من الظلم والزيغ .
[ ص: 201 ] وفي المراد بالعلم هاهنا قولان : أحدهما : الفقه . والثاني : علم الرؤيا
قوله تعالى : "
وكذلك نجزي المحسنين " أي : ومثل ما وصفنا من تعلم
يوسف وحراسته ، نثيب من أحسن عمله ، واجتنب المعاصي ، فننجيه من الهلكة ، ونستنقذه من الضلالة فنجعله من أهل العلم والحكمة كما فعلنا
بيوسف .
وفي المراد بالمحسنين هاهنا ثلاثة أقوال :
أحدها : الصابرون على النوائب . والثاني : المهتدون ، رويا عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . والثالث : المؤمنون . قال
nindex.php?page=showalam&ids=16935محمد بن جرير : هذا ، وإن كان مخرج ظاهره على كل محسن ، فالمراد به
محمد صلى الله عليه وسلم ، والمعنى : كما فعلت
بيوسف بعد ما لقي من البلاء فمكنته في الأرض وآتيته العلم ، كذلك أفعل بك وأنجيك من مشركي قومك .