[ ص: 305 ] ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة وقد خلت من قبلهم المثلات وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم وإن ربك لشديد العقاب ويقول الذين كفروا لولا أنزل عليه آية من ربه إنما أنت منذر ولكل قوم هاد الله يعلم ما تحمل كل أنثى وما تغيض الأرحام وما تزداد وكل شيء عنده بمقدار عالم الغيب والشهادة الكبير المتعال
قوله تعالى : "
ويستعجلونك بالسيئة قبل الحسنة " اختلفوا فيمن نزلت على ثلاثة أقوال :
أحدها : أنها نزلت في كفار
مكة ، سألوا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأتيهم بالعذاب ، استهزاء منهم بذلك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثاني : في مشركي
العرب ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
والثالث : في
النضر بن الحارث حين قال : اللهم إن كان هذا هو الحق من عندك ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل .
وفي السيئة والحسنة قولان :
أحدهما : بالعذاب قبل العافية ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل .
والثاني : بالشر قبل الخير ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة .
فأما " المثلات " فقرأ الجمهور بفتح الميم . وقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=7عثمان ،
وأبو رزين ،
وأبو مجلز ،
nindex.php?page=showalam&ids=15992وسعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14102والحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=12356وابن أبي عبلة برفع الميم .
ثم في معناها قولان :
أحدهما : أنها العقوبات ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=14416الزجاج : المعنى : قد تقدم
[ ص: 306 ] من العذاب ما هو مثله وما فيه نكال ، لو أنهم اتعظوا . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=12590ابن الأنباري : المثلة : العقوبة التي تبقي في المعاقب شينا بتغيير بعض خلقه ، من قولهم : مثل فلان بفلان ، إذا شان خلقه بقطع أنفه أو أذنه ، أو سمل عينيه أو نحو ذلك .
والثاني : أن المثلات : الأمثال التي ضربها الله عز وجل لهم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=12078وأبو عبيدة .
قوله تعالى : "
وإن ربك لذو مغفرة للناس على ظلمهم " قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : لذو تجاوز عن المشركين إذا آمنوا ، وشديد العقاب للمصرين على الشرك . وقال
nindex.php?page=showalam&ids=17132مقاتل : لذو تجاوز عن شركهم في تأخير العذاب ، وإنه لشديد العقاب إذا عذب .
فصل
وذهب بعض المفسرين إلى أن هذه الآية منسوخة بقوله :
إن الله لا يغفر أن يشرك به [النساء :48] ، والمحققون على أنها محكمة .
قوله تعالى : "
لولا أنزل عليه آية من ربه " " لولا " بمعنى هلا ، والآية التي طلبوها ، مثل عصا
موسى وناقة
صالح . ولم يقنعوا بما رأوا ، فقال الله تعالى : "
إنما أنت منذر " أي : مخوف عذاب الله ، وليس لك من الآيات شيء .
وفي قوله : "
ولكل قوم هاد " ستة أقوال :
[ ص: 307 ] أحدها : أن المراد بالهادي : الله عز وجل ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير، nindex.php?page=showalam&ids=16584وعكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16879ومجاهد ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=12354والنخعي ، فيكون المعنى : إنما إليك الإنذار ، والله الهادي .
والثاني : أن الهادي : الداعي ، رواه
علي بن أبي طلحة عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
والثالث : أن الهادي النبي صلى الله عليه وسلم ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن ،
nindex.php?page=showalam&ids=16568وعطاء ،
nindex.php?page=showalam&ids=16815وقتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=16327وابن زيد ، فالمعنى : ولكل قوم نبي ينذرهم .
والرابع : أن الهادي رسول الله صلى الله عليه وسلم أيضا ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16584عكرمة ،
nindex.php?page=showalam&ids=11870وأبو الضحى ، والمعنى : أنت منذر ، وأنت هاد .
والخامس : أن الهادي : العمل ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=11873أبو العالية .
والسادس : أن الهادي : القائد إلى الخير أو إلى الشر ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=12047أبو صالح عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس .
وقد روى المفسرون من طرق ليس فيها ما يثبت عن
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير nindex.php?page=hadith&LINKID=890571عن nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس قال : لما نزلت هذه الآية ، وضع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده على صدره ، فقال : " أنا المنذر " ، وأومأ بيده إلى منكب علي ، فقال : " أنت الهادي يا علي بك يهتدى من بعدي " . قال المصنف : " وهذا من موضوعات الرافضة .
[ ص: 308 ] ثم إن الله تعالى أخبرهم عن قدرته ، ردا على منكري البعث ، فقال : "
الله يعلم ما تحمل كل أنثى " أي : من علقة أو مضغة ، أو زائد أو ناقص ، أو ذكر أو أنثى ، أو واحد أو اثنين أو أكثر ، "
وما تغيض الأرحام " أي : وما تنقص ، "
وما تزداد " وفيه أربعة أقوال :
أحدها : ما تغيض : بالوضع لأقل من تسعة أشهر ، وما تزداد : بالوضع لأكثر من تسعة أشهر ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14676الضحاك عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وبه قال
nindex.php?page=showalam&ids=15992سعيد بن جبير ،
nindex.php?page=showalam&ids=14676والضحاك ،
nindex.php?page=showalam&ids=17132ومقاتل ،
nindex.php?page=showalam&ids=13436وابن قتيبة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14416والزجاج .
والثاني : وما تغيض : بالسقط الناقص ، وما تزداد : بالولد التام ، رواه
nindex.php?page=showalam&ids=14836العوفي عن
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس ، وعن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن كالقولين .
والثالث : وما تغيض : بإراقة الدم في الحمل حتى يتضاءل الولد ، وما تزداد : إذا أمسكت الدم فيعظم الولد ، قاله
nindex.php?page=showalam&ids=16879مجاهد .
والرابع : ما تغيض الأرحام : من ولدته من قبل ، وما تزداد : من تلده من بعد ، روي عن
nindex.php?page=showalam&ids=16815قتادة ،
nindex.php?page=showalam&ids=14468والسدي .
قوله تعالى : "
وكل شيء عنده بمقدار " أي : بقدر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=12078أبو عبيدة : هو مفعال من القدر . قال
nindex.php?page=showalam&ids=11ابن عباس : علم كل شيء فقدره تقديرا .
قوله تعالى : "
عالم الغيب والشهادة " قد شرحنا ذلك في (الأنعام :6) . و "
الكبير " بمعنى : العظيم ، ومعناه : يعود إلى كبر قدره واستحقاقه صفات العلو ، فهو أكبر من كل كبير ، لأن كل كبير يصغر بالإضافة إلى عظمته . ويقال : " الكبير " الذي كبر عن مشابهة المخلوقين .
فأما "
المتعال " فقرأ
nindex.php?page=showalam&ids=16456ابن كثير " المتعالي " بياء في الوصل والوقف ، وكذلك
[ ص: 309 ] روى
nindex.php?page=showalam&ids=16501عبد الوارث عن
nindex.php?page=showalam&ids=12114أبي عمرو ، وأثبتها في الوقف دون الوصل
ابن شنبوذ عن
nindex.php?page=showalam&ids=16832قنبل ، والباقون بغير ياء في الحالين . والمتعالي هو المتنزه عن صفات المخلوقين ، قال
nindex.php?page=showalam&ids=14228الخطابي : وقد يكون بمعنى العالي فوق خلقه . وروي عن
nindex.php?page=showalam&ids=14102الحسن أنه قال : المتعالي عما يقول المشركون .